crossorigin="anonymous">

قانون مكافحة التدخين ضرورة وطنية ملحة لمواجهة جائحة صحية..بقلم: الدكتور محمد حسن الطراونة، رئيس جمعية الرعاية التنفسية الأردنية

مشاركة

مؤاب - لقد بلغ التدخين في الأردن مستويات تنذر بالخطر، حيث وصلت نسبة المدخنين إلى 52%، وهي واحدة من أعلى النسب على مستوى العالم. هذا الواقع لا يمثل مجرد إحصائية، بل هو مؤشر على جائحة صحية وشيكة تلقي بظلالها الثقيلة على مستقبل الأردن الصحي والاقتصادي. فمع هذه النسبة المرعبة، أصبح مكافحة التدخين التحدي الصحي الأكبر الذي يواجهه الأردن اليوم، وينذر بعبء هائل من الأمراض التنفسية والقلبية والسرطانات التي ستستنزف موارد القطاع الصحي وتثقل كاهل الاقتصاد الوطني.

إن الإجراءات المتخذة حاليًا لمكافحة التدخين في الأردن، على الرغم من أهميتها، لم تكن كافية للحد من انتشار هذه الآفة. يبدو واضحًا أن النهج الحالي لم يتمكن من مواجهة حجم المشكلة وتصاعدها. فالمقاهي والمطاعم لا تزال تزدحم بالمدخنين، والمراهقون يتجهون نحو السجائر الإلكترونية والنرجيلة بوتيرة متزايدة، دون وجود رادع حقيقي أو توعية كافية لمواجهة هذه الظاهرة المتفاقمة.

إن التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للتدخين تفوق بكثير أي إيرادات يمكن أن تجنيها الدولة من الضرائب على التبغ. فالأمراض المرتبطة بالتدخين تتطلب علاجًا مكلفًا وطويل الأمد، وتؤدي إلى فقدان الإنتاجية بسبب المرض والوفاة المبكرة. وبعيدًا عن الأرقام، هناك المعاناة الإنسانية التي لا تقدر بثمن.

لقد حان الوقت لأن يدرك الجميع، حكومة ومواطنين، أن مكافحة التدخين ليست خيارًا، بل واجب وطني ملح. يجب على الحكومة الأردنية أن تتخذ خطوة جريئة وحاسمة تتمثل في فرض قانون خاص بمكافحة التدخين يكون مكتمل الأركان، شامل التفاصيل والتعليمات، ويحتوي على عقوبات رادعة ومغلظة. هذا القانون يجب أن يتجاوز مجرد الحظر الجزئي في الأماكن العامة، ليشمل:

 

حظرًا تامًا للتدخين في جميع الأماكن العامة المغلقة وشبه المغلقة بلا استثناء: وهذا يشمل المطاعم، المقاهي، المولات، وسائل النقل العام، المؤسسات الحكومية والخاصة، وحتى مساحات العمل.

 

تشديد الرقابة على بيع منتجات التبغ والقضاء على البيع للقاصرين: مع فرض غرامات وعقوبات صارمة على المخالفين.

 

حظر جميع أشكال الإعلان والترويج لمنتجات التبغ، بما في ذلك السجائر الإلكترونية والنرجيلة: والتوقف عن عرضها بشكل جذاب في نقاط البيع.

 

زيادة الضرائب على منتجات التبغ بشكل كبير: لجعلها أقل توفرًا وشعبية، خاصة بين الشباب.

 

توفير برامج دعم فعالة للإقلاع عن التدخين: وتسهيل الوصول إليها وتشجيع المدخنين على الاستفادة منها.

 

حملات توعية وطنية مكثفة ومستمرة: تستهدف جميع الفئات العمرية، وتسلط الضوء على المخاطر الصحية والاقتصادية للتدخين، مع التركيز على تأثير التدخين السلبي.

إن مكافحة التدخين هي استثمار في صحة الأجيال القادمة وفي قوة الاقتصاد الأردني. بدون إجراءات صارمة وحاسمة الآن، فإننا نعد لمستقبل تنهكه الأمراض ويثقله العبء المادي. يجب أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية لتطبيق قانون مكافحة التدخين بكل حزم، وأن يترافق ذلك مع تضافر جهود المجتمع المدني، المؤسسات التعليمية، والإعلام لترسيخ ثقافة مجتمع خالٍ من التدخين.

الأردن يستحق أن يكون رائدًا في الصحة العامة، وليس في معدلات التدخين. إن صحة مواطنيه هي الثروة الحقيقية التي يجب أن نحافظ عليها بكل ما أوتينا من قوة. فهل نختار المواجهة الحاسمة اليوم، أم ننتظر جائحة صحية لا يطيقها اقتصادنا ولا قدراتنا؟

الكلمات المفتاحية