اغتيال حسن نصر الله يكشف عمق الاختراق الإسرائيلي لصفوف "حزب الله"

مشاركة

مؤاب - تواجه جماعة "حزب الله" اللبنانية تحدياً هائلاً يتعلق بسد الثغرات التي سمحت لعدوها اللدود إسرائيل بتدمير مواقع الأسلحة وتفخيخ أجهزة اتصالاتها اللاسلكية واغتيال قياداتها وصولاً إلى أمينها العام حسن نصر الله، الذي ظل مكان وجوده سراً محفوظاً بعناية لسنوات.

ووقع اغتيال نصر الله، الجمعة، في مقر القيادة المركزية للحزب بعد أسبوع واحد فقط من تفجير إسرائيل مئات من أجهزة البيجر والوكي توكي المفخخة.

كما أن إعلان الحزب نجاح عملية الاغتيال ونعي الأمين العام، جاء في ذروة سلسلة سريعة من الضربات التي اغتالت نصف مجلس قيادة "حزب الله" ودمرت قيادته العسكرية العليا.

وقال مصدر أمني مطلع إن نصر الله "تجنب الظهور العلني منذ حرب 2006، وأخذ حذره لفترة طويلة، إذ كانت تحركاته محدودة ودائرة الأشخاص الذين يقابلهم صغيرة للغاية"، مشيراً إلى أن الاغتيال يشير إلى أن جواسيس يعملون لصالح إسرائيل اخترقوا جماعته.

وأفاد بأن نصر الله، قبل أسبوع من عملية الاغتيال، بات أكثر حذراً من المعتاد منذ تفجيرات أجهزة البيجر في 17 سبتمبر، خشية أن تحاول إسرائيل قتله، واستدل المصدر على ذلك بغيابه عن جنازة أحد القادة وتسجيله المسبق لخطاب أذيع قبل أيام قليلة.

في الأيام التي سبقت اغتيال نصر الله، وفي الساعات التي تلت ذلك، تحدثت "رويترز" مع أكثر من 12 مصدراً في لبنان وإسرائيل وإيران وسوريا، إذ قدموا تفاصيل عن الأضرار التي ألحقتها إسرائيل بالجماعة شبه العسكرية، بما في ذلك خطوط إمدادها وهيكلها القيادي.

فشل استخباراتي

وقال مصدر مطلع، قبل أقل من 24 ساعة من الضربة التي استهدفت نصر الله، إن إسرائيل "أمضت 20 عاماً في تركيز جهود الاستخبارات على حزب الله ويمكنها استهداف نصر الله عندما تريد، حتى وإن كان في مقر الجماعة"، فيما وصف المصدر المعلومات الاستخباراتية بأنها "ممتازة".

بدوره، أوضح الخبير المخضرم في شؤون الحزب من جامعة الدفاع السويدية ماجنوس رانستورب: "هذه ضربة هائلة وفشل استخباراتي لحزب الله. علموا أنه كان يعقد اجتماعاً. كان يجتمع مع قادة آخرين وهاجموه على الفور".

وإلى جانب نصر الله، يقول الجيش الإسرائيلي إنه قضى على 8 من أكبر تسعة قادة عسكريين في حزب الله هذا العام وقُتل معظمهم في الأسبوع الماضي.

وقاد هؤلاء وحدات تتراوح من فرقة الصواريخ إلى قوة الرضوان وحدة النخبة العسكرية بالجماعة، فيما تعرض نحو 1500 من عناصر الحزب لإصابات وتشوهات نتيجة انفجارات أجهزة الاتصال اللاسلكية يومي 17 و18 سبتمبر.

في المقابل، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني في إفادة صحفية، السبت، إن الجيش "حصل على معلومات في الوقت الفعلي حول اجتماع نصر الله مع قادة آخرين"، موضحاً أن اجتماعهم كان بهدف التخطيط لشن هجمات ضد إسرائيل.

تواصل مع إيران

وقبل الضربة التي استهدفت نصر الله، قالت 3 مصادر إيرانية إن طهران تخطط لإرسال مزيد من الصواريخ إلى حزب الله، تأهباً لحرب يطول أمدها.

وذكر المصدر الإيراني الأول أن الأسلحة التي كان من المقرر إرسالها تشمل صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى منها صواريخ "زلزال" الإيرانية ونسخة مطورة تتميز بالدقة تعرف باسم "فاتح 110".

ورغم استعداد إيران لتقديم الدعم العسكري، أكد المصدران الإيرانيان الآخران أنها "لا ترغب في التورط بشكل مباشر في مواجهة بين حزب الله وإسرائيل".

ونقلت وسائل إعلام إيرانية، السبت، عن تقرير للتلفزيون الرسمي أن نائب قائد الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفوروشان سقط في الضربات الإسرائيلية على بيروت، الجمعة.

وأضاف مصدر كبير في المخابرات العسكرية السورية أن "حزب الله" ربما يحتاج إلى رؤوس حربية وصواريخ معينة إلى جانب طائرات مسيرة وأجزاء صواريخ لتعويض تلك التي دمرتها الضربات الإسرائيلية في مختلف أنحاء لبنان، الأسبوع الماضي.

وكانت الإمدادات الإيرانية في الماضي تصل إلى حزب الله عن طريق الجو والبحر. 

وقال مسؤول أمني إيراني، الأسبوع الماضي، إن الممرات البرية تعد "أفضل طريق لنقل الصواريخ وأجزائها والمسيرات عبر العراق وسوريا بمساعدة الجماعات المسلحة المتحالفة مع طهران في هذين البلدين".

لكن المصدر العسكري السوري قال إن عمليات المراقبة الإسرائيلية بالطائرات المسيرة والضربات التي تستهدف قوافل الشاحنات قوضت هذا الطريق. 

وقال الجنرال السابق الذي قاد القوات الأميركية في الشرق الأوسط جوزيف فوتيل إن إسرائيل وحلفاءها يمكنهم بسهولة اعتراض أي صواريخ ترسلها إيران براً إلى حزب الله الآن، مضيفاً: "بصراحة ربما ينطوي هذا على مخاطرة هم على استعداد لخوضها".

تضاؤل قدرات "حزب الله"

وطبقاً لتقديرات أميركية وإسرائيلية، ستواصل الجماعة القتال، إذ لديها نحو 40 ألف مقاتل قبل التصعيد الحالي إلى جانب مخزونات كبيرة من الأسلحة وشبكة أنفاق ممتدة قرب حدود إسرائيل.

وأظهر "حزب الله" القدرة على استبدال القادة سريعاً، إذ أن هاشم صفي الدين، ابن خالة نصر الله، مرشح منذ فترة طويلة ليكون خليفته. 

وتأسست الجماعة في طهران عام 1982، وهي العضو الأكثر قوة في ما يسمى بـ "محور المقاومة" ضد إسرائيل وطرف في حد ذاته له أهميته إقليمياً، لكن الضربات التي تلقاها خلال الأيام الماضية أضعفته من الناحيتين المادية والمعنوية.

وبفضل الدعم الإيراني الذي تلقاه على مدى عقود، كان "حزب الله" قبل الصراع الحالي من بين الجيوش غير النظامية الأكثر تسلحاً في العالم مع ترسانة تضم 150 ألف صاروخ وقذيفة وطائرة مسيرة، وفقاً لتقديرات أميركية.

وبحسب تقديرات إسرائيلية، يعادل هذا 10 أمثال حجم الترسانة التي كانت لديه في عام 2006 خلال حربه الماضية مع إسرائيل.

وقال دبلوماسي غربي إنه قبل هجوم، الجمعة، فقد حزب الله ما بين 20% و25% من قدراته الصاروخية في الصراع الدائر بما يشمل مئات الضربات الإسرائيلية، الأسبوع الماضي.

في الأيام القليلة الماضية، استهدفت إسرائيل أكثر من ألف هدف تابع لحزب الله، في وقت يرى مسؤولون إسرائيليون أن حقيقة أن حزب الله لم يستطع إطلاق سوى 200 صاروخ فقط يومياً خلال الأسبوع الماضي، دليل على أن قدراته تضاءلت.

الكلمات المفتاحية