مؤاب -يشهد فصل الشتاء عادة، انتشارا واسعا لانتقال الفيروسات بين صفوف المواطنين، حيث يؤثر الطقس البارد سلبا على الاستجابة المناعية لجسم الإنسان، ما يجعله أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد وغيرها من الأمراض.
كما أن انخفاض درجات الحرارة خلال موسم الشتاء، يرفع حاجة الجسم إلى التكيف مع التغيير الحاصل، كي تتمكن من الحفاظ على كفاءة وظائفها المناعية، فإذا لم تكن أجسادنا مستعدة تماما لبرودة الطقس، فإن ذلك سيجعلنا أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد والسعال.
منظمة الصحة العالمية توصي وبشكل دوري ضرورة الحرص على رفع مناعة الجسم للتصدي للأمراض والفيروسات وهو ما أيده خبراء ومتخصصون، مؤكدين أهمية النظام الغذائي في رفع مناعة الجسم وتحصينه ضد الفيروسات والأمراض الموسمية.
ويأتي النظام الغذائي بحسب العديد من الدراسات والأبحاث العالمية في مقدمة تعزيز صحة الجهاز المناعي، ما يتطلب اتباع نظام صحي والتركيز على الأطعمة التي تساعد على تقوية الجهاز المناعي في الشتاء.
هناك العديد من الخيارات التي يمكن إدراجها ضمن النظام الغذائي اليومي، وأبرزها: فيتامين سي إذ يعد أهم فيتامين للجهاز المناعي ومقاومة العدوى والأمراض، كونه يزيد من إنتاج خلايا الدم البيضاء، كما أن تناول أطعمة غنية بفيتامين سي يساعد على التعافي من نزلة البرد بشكل أسرع، ويكون الحصول عليه من خلال مجموعة من الأطعمة مثل الخضروات والفواكه والمشروبات الساخنة.
بدورها تقول اختصاصية التغذية ربى العباسي، أن الحصول على جهاز مناعة قوي وصحي، يتطلب نظاما غذائيا صحيا وسليما، يشمل العديد من الأصناف الغذائية التي تجنب الإصابة بالكثير من الأمراض، كما تساعد على التمتع بصحة جيدة.
ومن أهم الأصناف الغذائية، التي تساعد على رفع مناعة الجسم وتقويته ضد الأمراض والفيروسات ومواجهة برد الشتاء، بحسب العباسي، تلك التي تحتوي على نسب عالية من فيتامين "سي" ومركبات البيتا كروتين مثل الليمون والبندورة والبطاطا الحلوة، إضافة إلى مواد مضادة للأكسدة، كذلك التوت البري باعتباره فاكهة غنية بمضادات الأكسدة، كما يعد مقاوما طبيعيا لالتهابات المثانة والتقرحات، إلى جانب دوره في الوقاية من أمراض القلب والسرطان.
وتلفت العباسي إلى أن استخدام الدهون الطبيعية مثل؛ زيت الزيتون والدهون الموجودة في الأسماك والأفوكادو والمكسرات، يساعد على تحسين جهاز المناعة ويقويه، كما يعد العسل علاجا طبيعيا للكثير من الأمراض؛ حيث يقتل البكتيريا، ويعالج التهاب الحنجرة والأذنين، كما يحافظ على صحة الجلد، ويساعد في عملية الهضم.
وتشجع العباسي على تناول الصويا، باعتبارها من أفضل أنواع الحبوب فائدة للجسم والبشرة، كما تسهم في الوقاية من أمراض القلب والسرطان ومشاكل عسر الهضم، موضحة أن البروكلي يحتوي على نسبة عالية جدا من الألياف والفيتامينات، إلى جانب احتوائه على نسبة عالية جدا من المواد المقاومة للسرطان.
في حين تشير إلى أن الثوم من أكثر النباتات مقاومة للبكتيريا والفطريات، ويستخدم لمقاومة البرد والعدوى من الأمراض الأخرى، ومنها السرطان.
ويلعب الإكثار من تناول السوائل، وفق العباسي، دورا مهما في غسل الجسم من كل الأوساخ، وخصوصا البكتيريا، لذلك ينصح بتناول 8 كؤوس من الماء يوميا، لضمان حصول الجسم على كميات كافية من السوائل.
وفي حالة المرض، ينصح بتناول ضعف هذه الكمية من السوائل، كما تعد المشروبات الساخنة مثل الشاي الأخضر الذي يحتوي على مادة “polyphenols”، أكثر المواد المقاومة للأكسدة، إلى جانب دورها في تخفيض الكولسترول وضغط الدم، إضافة إلى فعاليتها في مقاومة السرطان، لذا تنصح العباسي بتناول 4 فناجين من الشاي الأخضر يوميا.
كما أن تناول بعض الدهون ضروري لاتباع نظام غذائي صحي، ويمكن الحصول عليها من خلال تناول الأفوكادو أو السلمون، وكذلك زيوت الطهي مثل زيت الزيتون، كما تنصح العباسي بتناول الشوربات الساخنة، مثل شوربة الدجاج وشوربة العدس، التي تزود الجسم بالطاقة الضرورية وتساعد على الشعور بالدفء لاحتوائها على الكثير من العناصر الغذائية المفيدة لصحة الجسم مثل الحديد وفيتامين "ج"، وكلاهما من العناصر الغذائية التي تعزز الجهاز المناعي لدى الإنسان.
ويقول الدكتور محمد رحال، وهو طبيب الصحة العامة، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن العديد من الدراسات العلمية، أثبتت أن الإنفلونزا والفيروسات المماثلة، تميل إلى الانتشار بين الأفراد في الشتاء، فهناك عدة أسباب تجعل الطقس البارد، يضعف وظائف الجهاز المناعي لدى جسم الإنسان، فخلال الشتاء وبسبب عدم التعرّض للشمس، تنخفض مستويات فيتامين "D" في الجسم، وهو الفيتامين الذي يرتبط بزيادة المناعة الذاتية، كما أن الأوعية الدموية، تصبح أضيق بفعل استنشاق الهواء البارد والجاف، ما يمنع خلايا الدم البيضاء من الوصول إلى الغشاء المخاطي، وبالتالي تنخفض قدرة الجسم على محاربة الجراثيم.
وبحسب رحال، فإن دراسة أجراها مستشفى ماساتشوستس العام، وهو المستشفى الجامعي التعليمي الرئيسي لكلية الطب بجامعة هارفارد، أظهرت أن درجات الحرارة في الشتاء، تضعف مناعة الأنف، وتجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالفيروسات، فالخلايا الأنفية الموجودة في مقدمة الأنف، والتي تتحرك بسرعة لتطويق البكتيريا، ومهاجمتها قبل أن تبدأ في التسبب بعدوى كبيرة في الجسم، تتراجع قدراتها في الطقس البارد، ما يسمح للفيروسات الأنفية بغزو الجسم والتكاثر، مشيرا إلى أنه لا يوجد أحد محصن بالكامل، ضد جراثيم البرد أو الأنفلونزا، إلا أن هناك بعض الأفراد الذين تكون أجسامهم أكثر قدرة على التحصّن ضدها، بدعم من الجهاز المناعي، الذي يعمل في أشهر الشتاء بجهد أكبر مما يفعل في أشهر الصيف.
وشدد رحال على أن جسم الإنسان، يكون في أشد الحاجة إلى تعزيز مناعته خلال فصل الشتاء، من خلال تناول أطعمة تقوي قدراته على مواجهة التغيرات الموسمية، فمثلا الحصول على ما يكفي من فيتامين "سي" قد يساعد في تعزيز دفاعات الأنف لدينا، كما أن هذا الفيتامين أساسي، في دعم المناعة في كل جزء من الجسم، في حين أن الحصول على فيتامين "د" من خلال الطعام أو المكملات الغذائية، مهم جدا لتعزيز الخلايا المناعية في جسم الإنسان.