مع تزايد أعداد المدخنين من الأطفال والمراهقين واستخدامهم للتبغ والسجائر الإلكترونية، تبرز الحاجة لإجراءات وممارسات للحد من ارتفاع معدلات التدخين بين تلك الفئات، ما يثقل كاهل السلطات الصحية التي يتوجب أن تبحث عن حلول ناجعة وإجراء دراسات تمكنها من تقليل أو الحد من هذه الظاهرة.
ويرى خبراء ومختصون بالرعاية التنفسية أن ارتفاع معدلات التدخين للأطفال والمراهقين من شأنه أن يحدث تغييرات بنسيج الرئة، داعين وزارة الصحة لضرورة حماية تلك الفئة من ضرر السجائر الإلكترونية.
غير أن مدير التوعية والاعلام الصحي بوزارة الصحة د.غيث عويس، أكد أن وزارة الصحة مستمرة بحملات مكافحة التدخين، حيث أنهت حملة لإنفاذ تطبيق قانون الصحة العامة، إضافة للجولات الميدانية التي ينفذها ضباط الارتباط بمشاركة وزارة الداخلية ومديرية الأمن العام، فضلا عن وجود 28 عيادة للإقلاع عن التدخين موزعة على مختلف المواقع بالمملكة.
وتابع، إن "الصحة" تجري دراسات مسحية ستطلق نتائجها نهاية العام الحالي، إحداها بالتعاون مع مركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية، حول نسب المدخنين بالمملكة إضافة لدراسة جديدة مع منظمة الصحة العالمية حول التدخين وآثاره بشكل خاص.
ولفت عويس إلى أن وزارة الصحة زادت عدد ضباط الارتباط من 212 ضابط ارتباط يتمتعون بصفة الضابطة العدلية لنحو 500، لمتابعة إنفاذ قانون الصحة العامة المتعلق بالتدخين وإجراء جولات تفتيشية على المنشآت ومخالفة وإنذار وإغلاق عدد منها.
وفي السياق، قال رئيس جمعية الرعاية التنفسية الأردنية د.محمد حسن الطراونة إن المشاهدات والملاحظات لانتشار تدخين السجائر الإلكترونية تزداد بين المراهقين والأطفال بشكل ملحوظ، حيث تباع لهم دون ظوابط حتى باتت هذه الفئة الأكثر استهدافا لمروجي هذا النوع من التدخين.
وتساءل الطراونة: من يحمي أطفالنا من هذه الآفة ومن يتحمل مسؤلية ذلك، رغم توقيع وزارة الصحة على إتفاقية مكافحة التبغ مع منظمة الصحة العالمية التي تنص بنودها على منع التدخين داخل المنشآت العامة ومنع بيع منتجات التبغ لمن هم دون سن الـ18 عاما.
ولفت الطراونة إلى أن الدراسات والأبحاث العالمية تشير إلى أن هناك ارتباطا وثيقا بين التدخين الإلكتروني والتغير الذي يحدث على أنسجة الرئة وفق دراسة أجرتها الجامعة الوطنية الأسترالية ونشرت نتائجها في المجلة الطبية الأسترالية، والتي قالت إن مدخني السجائر الإلكترونية يستنشقون نسيجا معقدا من المواد الكيميائية، إذ تحتوي على 240 مادة كيميائية صنفت 40 مادة منها على أنها سامة و30 ذات ضرر كبير على الصحة.
وشدد على أن استطلاعات الرأي في كل من الولايات المتحدة الاميركية والمملكة المتحدة تؤكد على أن هناك تزايدا ملحوظا بنسبة مدخني السجائر الإلكترونية وخصوصا بين المراهقين وطلاب المدارس.
وقال الطراونة: لقد ظهر مصطلح طبي حديث اسمه (أمراض الرئة الناتجة عن التدخين الإلكتروني)، دعا المملكة المتحدة لوضع خطة لمكافحه البيع غير القانوني للسجائر الإلكترونية بين الأطفال.
وحث الطراونة السلطات الصحية في الأردن، بضرورة حماية الأطفال والمراهقين من ضرر السجائر الإلكترونية.
وكانت وزارة الصحة نفذت الشهر الماضي حملة تفتيشية للرقابة على إنفاذ قانون الصحة العامة رقم 47 لسنة 2008 وتعديلاته والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان إنفاذ هذا القانون ضمن إطار تطبيق خطة العمل التنفيذية المنبثقة عن الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التبغ والتدخين بكافة أشكاله من أجل الحفاظ على الصحة العامة.
بيد، أن خبير الاوبئة د.عبد الرحمن المعاني أوضح أهمية المعالجات الصحية لهذه الظاهرة، مشددا على أن ظاهرة التدخين في المملكة تشكل خطرا داهما وأزمة صحية كبرى، تهدد الصحة العامة باعتبارها سببا رئيسا لاعتلال الصحة والوفاة المبكرة، وعدم تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
وتابع: إن نسب التدخين في المملكة تعتبر من أعلى النسب في العالم حسب آخر إحصائية صادرة عن منظمة الصحة العالمية، لافتا إلى أن ارتفاع نسب التدخين لدى الذكور والإناث والأطفال من مختلف أنواع التدخين سواء التبغ أو الإلكتروني أو استخدام الأرجيلة، بالإضافة لربط زيادة حالات السرطان مع زيادة معدلات التدخين وكذلك ارتفاع الكلف العلاجية لعلاج السرطان التي من الممكن أن تصل لمئات الملايين.
واعتبر المعاني أن واجب الحكومة دق ناقوس الخطر، بخاصة بعد خروج نسب التدخين عن السيطرة والتحذير المستمر من الزيادة المضطردة بهذه النسب والتي أدت لرفع نسبة الإصابة بالسرطان وخصوصا بعد عام 2015 فهناك 8 آلاف إصابة بالسرطان تسجل سنويا في المملكة.
وقال: من واجب وزارة الصحة التنبيه لكل هذه الأمور وأخذ ارتفاع نسب المدخنين على محمل الجد، والتركيز على الفئات العمرية الصغيرة، بالإضافة للنساء بعد ارتفاع نسب المدخنات إلى أكثر من الضعف وارتفاع عدد الإصابات بالسرطان بينهن.
وشدد المعاني على ضرورة أن تطبق وزارة الصحة قانون الصحة العامة رقم 47 وتفعيله عبر منع التدخين في الأماكن العامة، وعلى رأسها المؤسسات الرسمية والدوائر الحكومية والوزارات والمدارس والمستشفيات والمراكز الصحية وأماكن العمل والمطاعم ووسائط النقل العام، إضافة، لتعريف المواطنين بهذا القانون، ووضع آلية واضحة وسهلة لتقديم الشكاوى لمخالفات التدخين سواء من خلال التطبيق الحكومي على الهواتف الذكية أو إنشاء خط ساخن يتبع لوزارة الصحة.
وأكد المعاني أن توفير بيئة صحية خالية من التدخين حق لغير المدخن بتنفس هواء نقي خال من السموم الناتجة عن سجائر المدخنين باعتبار أن التدخين أحد أهم العوامل التي تهدد حياة الإنسان.
ولفت إلى أهمية توعية المواطنين بأضرار التدخين، والتدخين السلبي وتقديم المشورة والإرشاد وعلاج الإقلاع عن التدخين مجانا، عبر عيادات متخصصة تابعة لوزارة الصحة في جميع محافظات المملكة، والعمل على إيجاد مدن صحية، وتطبيق معايير في مكافحة التدخين لجعل المدن الأردنية خالية من التدخين، وتغليظ العقوبات على المخالفين في الأماكن العامة وتحديد ضابط ارتباط في كل المؤسسات والوزارات لمكافحة التدخين لمتابعة الالتزام بتطبيق قانون الصحة العامة وضبط المخالفات.
وكان وزير الصحة الدكتور فراس الهواري، قد أعلن عن أن كلفة علاج السرطان في الأردن سنويا تبلغ بـ350 مليون دينار على الأقل، وهي بزيادة مضطردة، حيث تبلغ نسبة الإصابات بالسرطان في الأردن منذ العام 2015 بنسبة ارتفاع بلغت 40 %.
وأعاد الهواري التأكيد على أن التدخين في مقدمة الأسباب المسببة لزيادة الإصابات بالسرطان في المملكة ولا بد من إجراءات فورية لوقف هذه الزيادة، متوقعا أن تتجاوز إصابات السرطان في الأردن بأكثر من 50 % خلال أعوام، وأن 8 آلاف إصابة بالسرطان تحدث سنويا في الأردن.
ووفقا لإحصائيات وزارة الصحة ارتفعت نسبة السيدات المدخنات إلى أكثر من الضعف بين الأعوام 2004 - 2019، إضافة إلى ارتفاع عدد الإصابات بالسرطانات التي تعاني منها السيدات بنسب واضحة في السنوات الأخيرة.