مؤاب - يحذر أطباء متخصصون من مخاطر السجائر الإلكترونية التي أصبحت خيارًا شائعًا بين العديد من المدخنين بديلا للسجائر التقليدية، والتأثيرات السلبية المرتبطة بها على الصحة العامة.
وأوضح الأطباء في أحاديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن الخطورة تزيد مع تعبئة السجائر الإلكترونية بسوائل غير آمنة، ما يزيد من آثارها السلبية على صحة مستخدميها.
وأشاروا إلى أن القلق الرئيس يكمن في عدم المعرفة بمكونات هذه السوائل المخزنة والمعبأة بطرق غير سليمة، إذ قد تحتوي على تراكيز عالية جدًا من النيكوتين ومواد مخدرة ونكهات غير مطابقة للمواصفات.
وكشفوا "أن السائل الإلكتروني المطابق للمواصفات لا يعني أنه آمن، فكيف يكون الحال إن كانت مصنّعة خارج المعايير التي تحتوي على مواد غير معروفة ينتج عنها أضرار جسيمة.
وكانت مؤسسة الغذاء والدواء قد نشرت عبر موقعها الإلكتروني شروط عرض وبيع وتخزين منتجات البخار الإلكترونية والسائل الإلكتروني ومنتجات التبغ المسخنة إلكترونيًا لسنة 2019، إذ نصت المادة الثالثة على أنه يُحظر تداول منتجات البخار الإلكترونية والسائل الإلكتروني ومنتجات التبغ المسخنة إلكترونيًا إلا بعد موافقة المؤسسة على تسجيلها وحصولها على إجازة التداول من المؤسسة في الأماكن المرخصة لذلك.
وتؤدي وحدة التبغ في المؤسسة الدور الرقابي والتنظيمي على التبغ ومنتجاته بما فيها السجائر الإلكترونية، والعمل على تنظيم تسجيل واستيراد وتداول وتصنيع التبغ ومنتجاته بما فيها السجائر الإلكترونية.
يشير رئيس جمعية الرعاية التنفسية الأردنية، الدكتور محمد حسن الطراونة، إلى الزيادة الملحوظة في انتشار تدخين السجائر الإلكترونية بين المراهقين والأطفال في مجتمعنا، ما يجعل هذه الفئة هدفًا سهلاً لمروجي هذا النوع من التدخين، رغم حظر بيع التبغ لمن هم دون الـ 18 عامًا، مضيفًا أن الدراسات والأبحاث العالمية تُظهر ارتباطًا وثيقًا بين التدخين الإلكتروني وتأثيره على أنسجة الرئة.
وبحسب دراسة نُشرت في المجلة الطبية الأسترالية، فإن مستخدمي السجائر الإلكترونية يستنشقون خليطًا معقدًا يحتوي على 240 مادة كيميائية، منها 40 مادة سامة و30 تضر بالصحة، خاصة الرئتين.
وتظهر استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تزايدًا في نسب مدخني السجائر الإلكترونية بين المراهقين وطلاب المدارس.
وأشار الدكتور الطراونة إلى ظهور مصطلح طبي جديد يُعرف باسم "أمراض الرئة الناتجة عن التدخين الإلكتروني"، واستجابة لذلك، خصصت الحكومة البريطانية 3 ملايين جنيه إسترليني لمكافحة البيع غير القانوني للسجائر الإلكترونية بين الأطفال.
بدورها، تحدثت الدكتورة لاريسا ألور من جمعية "لا للتدخين" عن المخاطر الصحية لاستخدام السجائر الإلكترونية والسائل الخاص بها، وخاصة عندما تكون غير مطابقة للمواصفات العالمية.
وأشارت إلى أن ضوابط السجائر الإلكترونية تختلف من بلد لآخر، ومع ذلك، فإن المواصفة الأردنية تتماشى مع الأوروبية، مع تركيز أساسي على تحديد نسب النيكوتين المسموح بها في الأردن، حيث بلغت النسبة نحو 20 ملغ لكل مليلتر.
وأكدت أن السجائر الإلكترونية، على الرغم من أن المسموح منها والمرخصة قد يُعتقد بأنها آمنة، إلا أنه يجب الحذر من مخاطرها على الصحة، فهي تحتوي على النيكوتين، ولها آثار سلبية خاصة على صحة القلب والأوعية الدموية.
وأضافت أن النيكوتين في السائل المستخدم للسجائر الإلكترونية المسموح بها في الأردن يجب أن يكون حرًا، أو يُضاف إليه حمض ضعيف ليشكّل أملاح النيكوتين، ما يزيد من مخاطر الإدمان والتسمم بالنيكوتين.
وبحسب لاريسا ألور، فإنه عند استخلاص النيكوتين ووضعه في السائل الإلكتروني، ترتفع احتمالية حدوث حالات تسمم بالنيكوتين. إذ سجل مركز السموم الأميركي منذ عام 2011 حتى عام 2024 نحو 55 ألف حالة تعرض مرتبطة بالسجائر الإلكترونية والسوائل النيكوتينية، ما يتماشى مع انتشار السجائر الإلكترونية.
وأشارت إلى أن حالات التسمم لا تحدث فقط عن طريق استنشاق نسب عالية من النيكوتين، حيث يفقد مدخن السجائر الإلكترونية بسهولة الحذر فيما يتعلق بالكميات المدخنة مقارنة بالسجائر التقليدية، بل تحدث أيضًا عند تعبئة السجائر الإلكترونية، مما قد يؤدي إلى انسكاب السائل على البشرة وامتصاص الجسم للنيكوتين، مما يظهر بأعراض مثل الغثيان والقيء والصداع، حتى ضمن العبوات المسموحة ذات الـ10 مل وبتركيز 2 بالمئة.
وبينت أن الأطفال معرضون لخطر أكبر عند تعرضهم للنيكوتين السائل، وخاصة مع تصميمات جذابة وملونة للعبوات قد تجعلهم يخطئون في اعتبارها حلويات أو عصائر.
وكشفت تحليلات الذكاء الاصطناعي أن 180 نكهة من السجائر الإلكترونية تحتوي على 127 مادة كيميائية شديدة السمية، و153 تُصنف كمخاطر صحية، و225 تعتبر مهيجات.
وبينت دراسة أجرتها كلية الجراحين الملكية الإيرلندية أن نكهات الحاويات والفاكهة هي من بين الأخطر.
وأكدت ألور وجود أكثر من 16 ألف نكهة في السوق العالمية، مع أن القليل منها تم دراسته بعمق، مضيفة أنه من المهم أيضًا الإشارة إلى أن الدراسات الجديدة تشدد على أن استخدام السجائر الإلكترونية ليس أقل ضررًا بنسبة 95 بالمئة، وزادت الأدلة على تأثيرها الضار على الرئة والصحة العامة.
وأكدت أهمية نشر الوعي بالمخاطر الصحية المرتبطة باستخدام السجائر الإلكترونية والسوائل غير المطابقة للمواصفات العالمية، موضحة أن القلق الرئيس يكمن في عدم المعرفة بمكونات السوائل.
وشددت على أن السائل الإلكتروني المطابق للمواصفات لا يعني أنه آمن، لكن السائل المصنّع خارج المعايير قد يحتوي على مواد غير معروفة، وما ينتج عن تسخينها واستنشاقها من أضرار جسيمة.
وأشارت إلى أن نسب النيكوتين في هذه السوائل قد تكون غير مضبوطة، حيث تسجل بعض المنتجات مستويات عالية جدًا من النيكوتين، مما يشكل خطرًا كبيرًا على صحة المستخدمين.
كما تبين القلق بشأن نوعية المواد الأخرى المستخدمة مثل الجليسرين والبروبيلين جليكول، لأن عدم تطابقها مع المعايير الطبية قد يؤدي إلى وجود شوائب إضافية ضارة.
وأكدت أهمية فرض عقوبات صارمة وإجراءات رادعة على المخالفين الذين يبيعون أو ينتجون منتجات غير مصرح بها.
وقال مدير مديرية التوعية والإعلام الصحي في وزارة الصحة، الدكتور غيث عويس، إنه من المهم التأكيد على أن التدخين بجميع أشكاله، بما في ذلك السجائر الإلكترونية، تحتوي على مواد كيميائية ضارة تؤثر بشكل جوهري على صحة الأفراد والأسرة والمجتمع.
وأكد أن السوائل الإلكترونية للسجائر الإلكترونية تحتوي على النيكوتين الذي يسبب الإدمان، بالإضافة إلى مواد كيميائية أخرى تمثل خطرًا حقيقيًا على الصحة العامة.
وأشار إلى أن تزايد استخدام السجائر بكافة أنواعها والأرجيلة يرتبط بشكل مباشر بالأمراض غير السارية والخطيرة مثل بالأمراض القلبية والوعائية وأمراض الرئة والسرطانات، خاصةً في ظل ارتفاع معدلات استخدامها بين مختلف الفئات العمرية في الفترة الأخيرة.
--(بترا)