مؤاب - عقب صدور تعديلات نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام، التي أقرها مجلس الوزراء مؤخرًا، تتساءل أوساط مختصة، فيما إذا كانت هذه التعديلات كفيلة بمعالجة ثغرات عدة، وأهمها الإجازة بدون راتب، وهل استفاد صانع القرار من التغذية الراجعة التي وردت حول هذا الموضوع عند تعديل النظام، استجابة لمتطلبات العدالة ومراعاة لمصلحة القطاع العام والموظف في آن معا.
وفي هذا الصدد، رأى خبراء إداريون، أن هذه التعديلات امتازت بشمولها مجموعة من الشروط والضوابط لمنح الإجازة بدون راتب، أبرزها أن الإجازة لن تؤثر على مقتضيات العمل، وألا ينشأ عن قرار منح الإجازة دون راتب حالات تضارب مع مصلحة العمل، كما راعت تصويب الأوضاع للموظفين المجازين قبل صدور النظام بتاريخ 2024/7/1.
وفي المقابل بين آخرون أن الإصلاح يتطلب الجدية في التعامل مع متطلبات تطبيقه وإنجاحه، بهدف الحصول على النتائج المرجوة، بمعنى أن أي تعديلات ناجمة عن عدم رضا الخاضعين من نظام إدارة الموارد البشرية، يعني التراجع عن منهجية الإصلاح، والعودة إلى منهج المسايرة والخضوع لرغبات المستفيدين وليس المصلحة العامة التي تقتضي رفع سوية الموارد البشرية بهدف الوصول إلى درجة أعلى من الخدمات المقدمة للمواطنين.
وعن هذا الأمر، يبين خبير الإدارة العامة، أمين عام وزارة تطوير القطاع العام ومدير عام معهد الادارة العامة سابقا الدكتور عبدالله القضاة، أن الحرص الحكومي على مصلحة الوظيفة العامة والاستفادة العظمى من الكفاءات الوظيفية، سمح للموظف العام بالحصول على الإجازة بدون راتب بعد خدمة فعلية لمدة لا تقل عن خمس سنوات، مؤكدا أن هذا قرار منطقي لجهة الاستفادة من خدمات الموظف في بداية وظيفته.
وأضاف القضاة: "كما أن القرار يمنع الموظف من الحصول على إجازة من غير راتب في السنوات الأخيرة قبل وصوله سن تقاعد الشيخوخة المنصوص عليها في قانون الضمان الاجتماعي؛ وهذا قرار صائب لتتمكن الدائرة من الاستفادة من الخبرات النوعية التي حصل عليها الموظف أثناء عمله في مؤسسات أخرى خارج أو داخل المملكة".
وزاد: "في المقابل، راعى التوجه الحكومي مصلحة الموظف؛ حيث منحه الإجازه بدون راتب في حالات مرافقة الزوج للعمل خارج الأردن، والدراسة والعمل داخل المملكة بموجب عقد عمل، وكذلك منحه إجازة من غير راتب لمدة لا تتجاوز 5 سنوات للموظف خارج المملكة، وسنة واحدة داخل الأردن، وسنتين للدراسة أو رعاية أحد الوالدين أو أفراد الأسرة، وهو ما ينعكس في تحسين أوضاع الموظف العام مالياً واجتماعياً، وتحصيله الأكاديمي والعلمي، ومراعاة الظروف الاستثنائية الطارئة التي قد يمر بها من حيث الحاجة إلى رعاية أحد الوالدين او أحد أفراد الأسرة وغيرهم".
وقال إن من أهم التوجيهات لمجلس الوزراء إلزام الموظف الخاضع لقانون الضمان الاجتماعي، بتقديم المعززات التي تثبت استمرارية اشتراكه في الضمان خلال فترة الإجازة، وهي إضافة نوعية تضمن استمرار الحماية الاجتماعية للموظف في أثناء إجازته.
ويرى أن التعديلات امتازت بشمولها مجموعة من الشروط والضوابط لمنح الإجازة بدون راتب، وأبرزها ألا تؤثر الإجازة على مقتضيات العمل، وألا ينشأ عن قرار منح الإجازة حالات تضارب مع مصلحة العمل، كما راعت تصويب أوضاع الموظفين المجازين قبل صدور النظام بتاريخ 2024/7/1، حيث أجازت للمرجع المختص تمديد الإجازة بدون راتب للموظف الحاصل عليها قبل تاريخ 2024/7/1 شريطة ألا تقل مدة الخدمة المتبقية لاستحقاق الراتب التقاعدي عن خمس سنوات، وبواقع ثلاث سنوات حداً أعلى في حال كانت الإجازة خارج المملكة، وسنة واحدة في حال كانت داخل المملكة.
وأشار إلى أنه لتحقيق المرونة بمنح الإجازات لموظفي القطاع العام؛ وكخطوة غير مسبوقة؛ أجازت التعديلات المقترحة منح الموظف إجازة بدون راتب لحالات استثنائية (طارئة) ومبررة لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في السنة الواحدة، وبما لا يتجاوز ثلاث مرات طيلة خدمة الموظف في القطاع العام.
وأشار إلى "أنه يسجل لهذه الحكومة اتباعها النهج التشاركي في الانفتاح على جميع المعنيين بدراسة جميع الملاحظات التي أثيرت خلال الفترة الماضية حول نظام الموارد البشرية؛ واستمرارها بتلقي التغذية الراجعة بشأنه، بهدف تجويد مواده والبناء على الإيجابيات الموجودة به لتطوير أداء القطاع العام ليتمكن من تقديم الخدمة الأفضل للمواطنين".
من جهته، قال وزير تطوير القطاع العام الأسبق د. ماهر مدادحة، إن الإصلاح يتطلب الجدية في التعامل مع متطلبات تطبيقه وإنجاحه، بهدف الحصول على النتائج المرجوة، مبينا أن أي تعديلات ناتجة عن عدم رضا الخاضعين للنظام يعني التراجع عن منهجية الإصلاح والعودة إلى منهج المسايرة والخضوع لرغبات المستفيدين، وليس المصلحة العامة المتمثلة برفع سوية الموارد البشرية، بهدف الوصول إلى درجة أعلى من الخدمات المقدمة للمواطنين، مؤكدا أن تعديل نظام الموارد البشرية الجديد يأتي ضمن "سياق الخضوع للرغبات الشعبية، وعدم الرغبة في إحداث الإصلاح الحقيقي المطلوب".
وكان استمع مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها أول من أمس لعرض قدمه وزير دولة لتطوير القطاع العام حول المواد المتعلقة بالإجازة بدون راتب التي تضمنها نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام بناء على تكليف سابق من رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان.
ووجه المجلس بالنظر بتعديلات على نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام بما يعالج الملاحظات والتغذية الراجعة التي وردت حول موضوع الإجازة بدون راتب بحيث يتم الأخذ بها عند تعديل النظام قبل نهاية العام الحالي.
وتشمل التعديلات المقترحة، تعديل مواد الإجازة بدون راتب في نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام على السماح لمنح بالإجازة بلا راتب وفق ضوابط وشروط تراعي التوازن بين مصلحة القطاع العام ومصلحة الموظف وبما يحقق المصلحة العامة بحيث تسري أحكام الإجازة بدون راتب على جميع الموظفين المدرجة وظائفهم على جدول التشكيلات والذين أكملوا خمس سنوات من الخدمة في القطاع العام.
وتحدد التعديلات المقترحة الحالات التي يجوز فيها منح الموظف إجازة بدون راتب وهي: مرافقة الزوج أو الزوجة إذا كان أحدهما يعمل أو يدرس أو معاراً خارج المملكة شريطة تقديم المعززات لذلك، والدراسة لغايات الحصول على مؤهل علمي، شريطة تزويد الدائرة بالمعززات التي تثبت الاستمرارية في الدراسة، والعمل داخل المملكة أو خارجها بموجب عقد عمل ساري المفعول.