crossorigin="anonymous">

محاولات تفكيك المشهد: الإنزالات الجوية والمساعدات الأردنية لغزة

مشاركة

مؤاب - في زمنٍ تتكاثر فيه الأصوات ومحاولات تشويه الصورة وتكسيرها، تصبح الحقيقة الأردنية ضحية للتجزئة، ويُختزل الفعل في مشهدٍ واحد، مقطوع عن سياقه،تماما مثل نص مجتزأ

من هنا، جاء كثير من الحديث عن الإنزالات الجوية الأردنية إلى غزة وعلت كثير من الأصوات في محاولة لتقزيم الجهد الأردني وانكاره واقتصار الحديث عن الانزالات الجويه كعمل وحيد ، وتمحورت التساؤلات: هل أحدثت فرقًا؟ هل كانت كافية؟ هل وصلت إلى من يستحق؟ 

لكن ما يغيب عن هذا السجال هو أن الإنزالات الجوية لم تكن مشروعًا منفصلًا، بل كانت جزءًا من منظومة عمل أردنية متكاملة، لا يصح تفكيكها وتحليلها كأنها جهدٌ قائم بذاته.

فالعديد من تلك الإنزالات لم تكن استعراضية ولا رمزية. بل كانت نوعية المحتوى والأثر وكنا في نقابة الأطباء الأردنية جزأ منها ونفخر بذلك حيث شملت العديد من تلك الانزالات أدوية حيوية، ومعدات طبية حساسة مثل تلك التي تستخدم في الجراحات،بالاضافة لمواد تشغيل ضرورية لضمان الحد الأدنى من استدامة عمل الأقسام الحرجة في المستشفيات مثل أقسام الطوارئ والعناية الخثيثه وغرف العمليات 

في ظل الحصار الخانق والدمار واسع وحجم الكارثة الإنسانية في القطاع ، كانت تلك المواد تشكل الفارق بين الحياة والموت، بين الإغلاق القسري للمستشفيات وفقدان الأرواح ، وبين استمرارية التشغيل ولو كانت محدودة فإنها بالتأكيد أنقذت أرواح وضمدت جراح 

كما أن التراكم الكمي لهذه الإنزالات، وإن بدا محدودا للوهلة الأولى، إلا أنه قد ساهم بشكل ملموس في إيصال بعض الأغذية والمواد الأساسية إلى المناطق التي تقطعت بها السبل واستحال إيصال المساعدات لها 

وهنا، لا يُقاس الإنجاز بعدد الأطنان فقط، بل بعدد الأرواح التي ظلت على قيد الحياة بفارق وجبة أو دواء او معدات 

لكن الحقيقة الأهم، أن الأردن لم يصرح يوما ان هذه الإنزالات بديل عن القوافل البرية، ولم تُطرح على هذا النحو أصلا، بل جاءت رافدا مكملا لخطة أردنية متكاملة ضمّت القوافل البرية المتواصلة والمستشفيات الميدانية التي عملت تحت القصف وانقذت الأرواح وكانت علامة فارقة في الجهد الأردني والواجب التاريخي تجاه أخوة الدم والمصير بالإضافة للحرك السياسي والدبلوماسي الذي لم يتوقف والصوت الرسمي الذي لا يساوم على ثوابت الموقف من القضية الفلسطينية.

إن محاولات فصل الإنزالات عن هذه المنظومة الكاملة، هي تفكيك انتقائي للمشهد العام، يراد منه التشويش على الجهد، أو تحويل التقييم من رؤية كلية إلى قراءة مجتزأة.

نحن لا نقول إن الجهد كان كاملا أو معصوما، فالكمال مستحيل في كارثة بهذا الحجم.

لكننا نرفض أن يُختزل الاجتهاد في العدم، والنية في الشك، والعمل في المزاودة
 

د. حازم القرالة

الناطق الإعلامي باسم نقابة الأطباء الأردنية

الكلمات المفتاحية