تشجيع التقاعد المبكر و"الضمان".. هل من تبعات؟

مشاركة

مؤاب - فيما أصدر أمين عمان الكبرى يوسف الشواربة قرارات بمنح زيادات سنوية ومبالغ مالية للموظفين الذين سيتم إنهاء خدماتهم وإحالتهم على التقاعد المبكر، جدد خبراء في مجال الحقوق العمالية والحمايات التأمينية، تحذيراتهم من الآثار السلبية من مثل هذه القرارات، كونها تثقل كاهل مؤسسة الضمان الاجتماعي من جهة، وفضلا عن تأثيرها السلبي على النظام التأميني بمجمله من جهة أخرى.

وكان أمين عمّان أصدر تعميما داخليا أشار فيه إلى كتاب رئيس الوزراء رقم (64-5-1-26071) بتاريخ 11-6-2024 المعطوف على قرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 30-5-2024، والذي يتضمن منح زيادات سنوية ومبالغ مالية للموظفين الذين سيتم إنهاء خدماتهم وإحالتهم على التقاعد المبكر. 
وفي هذا الصدد، قال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، إن التوسع في التقاعد المبكر الذي تمارسه الحكومة على نطاق واسع، وعلى الرغم من أنها تروجه باعتباره "حلا مؤقتا لبعض التحديات الإدارية، إلا أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى حدوث مخاطر واختلالات عميقة تهدد سوق العمل واستدامة نظام الضمان الاجتماعي. 
وبين عوض أن من هذه الآثار، زيادة معدلات البطالة، إذ إن المتقاعدين مبكرا، بأعمارهم التي تسمح باستمرار بالعمل، سيعودون إلى سوق العمل مرة أخرى، ما يزيد من المنافسة على الوظائف المتاحة على قلتها، ويؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة. 
وأشار إلى أن من شأن ذلك أن يؤدي، أيضا، إلى انخفاض الرواتب التقاعدية، إذ إن التقاعد المبكر يعني سنوات خدمة أقل، وبالتالي رواتب تقاعدية منخفضة، وهو ما يزيد من أعداد الفقراء ويعمق التفاوت الاجتماعي.
وقال: "من جانب آخر، فإن التقاعد المبكر يهدد مستوى استدامة صندوق الضمان الاجتماعي ومدخراته، حيث تصل نسبة المتقاعدين مبكرا إلى حوالي 50 بالمائة من مجمل المتقاعدين، وجلهم متقاعدون من المؤسسات الحكومية، حيث إن الأعداد الكبيرة للمتقاعدين مبكرا تستنزف موارد الصندوق، ما يهدد قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه الأجيال القادمة.
وأضاف أن هذه الخطوات تسهم في إضعاف ثقة المواطنين باستدامة الضمان الاجتماعي، وتؤثر سلبا على قدرته على جذب المشتركين الجدد، خاصة وأنه تشيع بين المواطنين مخاوف من هيمنة الحكومة على قرارات الضمان وخاصة الاستثمارية، ما أدى إلى أن تستدين الحكومة من محفظة الضمان الاجتماعي أكثر من 50 بالمائة من قيمتها، وهو ما يطرح سؤالا عن مستوى حوكمة إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي، ويدفعنا للمطالبة بحوكمتها باتجاه تعزيز استقلاليتها.
بدوره، قال خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي إنه في كل شهر تقريبا يصدر كتاب بإنهاء خدمات عشرات الموظفين الحكوميين وإحالتهم على تقاعد الضمان المبكر.. ومن الأمثلة على ذلك تعميم أمانة عمان الكبرى الأخير.
وقال الصبيحي: "لا ندري ما هو هذا القرار، ولكن يبدو أنه موافقة حكومية على خطة الأمانة لترشيق جهازها الإداري وإحالة الآلاف من موظفيها على التقاعد المبكر".
من جانب، وبحسب الصبيحي، سيتم منح الموظفين المصنفين الذين يكملون الحد الأدنى للخدمات المقبولة للتقاعد خلال عام 2024 زيادتين سنويتين وإحالتهم على التقاعد، ولا ندري إذا كانت هذه الفئة من الموظفين خاضعة للتقاعد المدني أم لتقاعد الضمان، فإن كانوا خاضعين لتقاعد الضمان فلن يستفيدوا شيئا من الزيادتين السنويتين في رواتبهم التقاعدية ما لم يمض على اكتسابها (24) شهرا على الأقل قبل إنهاء خدماتهم".
وأضاف: "من جانب آخر، سيتم منح الموظفين غير المصنفين والعاملين بأجور يومية الذين يكملون مدة الحد الأدنى للحصول على راتب تقاعد الضمان المبكر خلال العام الجاري مبلغا ماليا يعادل الأجر الخاضع للضمان عن كل سنة خدمة متبقية للوصول إلى الحد "الأعلى" لاشتراكات الضمان البالغة (360) اشتراكا".
ولفت إلى جانب ثالث، حيث سيتم منح الموظفين غير المصنفين والعاملين بأجور يومية الذين ستنتهي خدماتهم بإكمالهم السن القانونية أو لبلوغ اشتراكاتهم في الضمان (360) اشتراكا خلال العام الحالي مبلغا يعادل راتب شهرين خاضعين للضمان.
وبين أن التعميم دعا كافة الموظفين وكذلك العاملين بأجور يومية الراغبين بالاستفادة من هذه القرارات إلى تقديم طلباتهم قبل تاريخ 31-8-2024.
وتساءل: "كيف سيتحمّل الضمان عبء كل هذه التقاعدات المبكرة، وكم سيصمد أمام تداعيات ونتائج مثل هذه القرارات؟ وكيف نفسّر قرارات الحكومة ومؤسسات القطاع العام التي تُشجّع على التقاعد المبكر المؤذي، بل وتقديم الحوافز لموظفيها لدفعهم إليه؟".

الكلمات المفتاحية