مؤاب - وسط ترقب أردني ودولي لما ستتمخض عنه المفاوضات بشأن توسيع نطاق التمويلات المناخية عالميا، تنطلق اليوم أعمال قمة المناخ "كوب 29" في أذربيجان، وبمشاركة 197 دولة.
ويتوقع في القمة، التي سيحضرها أكثر من 40 ألف مشارك، أن تتوافق الدول على هدف جديد لتمويل المناخ، والمساعدة بإطلاق تريليونات الدولارات التي تحتاجها البلدان النامية للتخفيف من انبعاثات الكربون الضارة والتكيف مع التغييرات المناخية، والتعامل مع الخسائر والأضرار التي تسببت فيها.
وما يزال يتعين اتخاذ قرار بشأن قضايا رئيسة من بينها كيفية وضع الهيئة المشرفة على آلية الأرصدة الكربونية باتفاق باريس للمعايير، وما إذا كان ينبغي تقييم أرصدة الكربون قبل تداولها، وما إذا كان يمكن إلغاء الأرصدة ومتى يمكن ذلك.
ويأتي انعقاد القمة في وقت أكد فيه تقرير المناخ الصادر عن الأمم المتحدة قبل أيام فقط من المؤتمر "أن متوسط ارتفاع درجة الحرارة العالمية يقترب من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، مما سيضع العالم على مسار ارتفاع كارثي يتراوح بين 2.6 و3.1 درجة مئوية هذا القرن، ما لم يحدث خفض فوري وبشكل كبير في انبعاثات غازات الدفيئة".
ورغم ذلك أبدى خبراء بيئيون مخاوفهم من "أن تقوض الأوضاع السياسية الراهنة التي تمر فيها المنطقة من جهود التعاون الدولي لمواجهة التغير المناخي، وأن تلقي بظلالها على أجندة القمة الحالية".
وستضم القمة، التي تستمر على مدى أسبوعين، ممثلين حكوميين من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بالإضافة لدبلوماسيين، ومسؤولين في الأمم المتحدة، وصحفيين، وعلماء مناخ، وقادة نقابات عمالية، وخبراء في السياسة، كما تعتزم منظمات غير حكومية ونشطاء وزعماء السكان الأصليين أيضا المشاركة.
"وستواجه القمة تحديات كبيرة في ظل الأوضاع الراهنة، حيث يشهد العالم تباطؤا ملحوظا في خفض الانبعاثات الكربونية، بالإضافة لتصاعد الصراعات الإقليمية والدولية، ما يؤثر على التعاون الدولي لمواجهة التغير المناخي"، وفق المختص في السياسات البيئية عمر الشوشان. ولفتت إلى "أن المخاوف تتزايد بشأن إمكانية انسحاب الإدارة الأميركية الجديدة من اتفاقية باريس، ما قد يشكل تهديدا إضافيا على زخم الجهود العالمية للحد من الاحتباس الحراري".
ولكنه وفي ظل هذه الظروف، بحد قوله "على الأردن الاستفادة من المؤتمر لتسويق فرصه الاستثمارية في مجال العمل المناخي"
ويمكن للأردن تحقيق ذلك، برأيه عبر "عرض مشروعات خضراء جاذبة للاستثمار، إذ ينبغي على الأردن استثمار موقعه الجغرافي كدولة تعاني من تحديات بيئية، لعرض مشاريع مبتكرة بمجالات الطاقة المتجددة، بخاصة الهيدروجين الأخضر، وإدارة وتحلية المياه والزراعة المستدامة، وغيرها من القطاعات التي تسهم في خفض الانبعاثات".
كما لا بد، بحسبه "أن يسعى الأردن للحصول على تمويلات دولية، ودعم من المؤسسات المانحة لتمويل مشروعات المناخ، عبر بناء شراكات عالمية، وتعزيز التعاون مع الجهات المانحة التي تركز على دعم التحول الأخضر، والالتزام بمعايير الاستدامة البيئية المطلوبة".
وشدد على "أن الأردن يمكنه أن يلعب دورا محوريا بتحفيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات البيئية والمناخية، خاصة في ظل الأزمات المائية والمناخية التي تؤثر على المنطقة بأكملها".
ومن وجهة نظر رئيسة قسم التغير المناخي في الجمعية العلمية الملكية ربى عجور، "فإن الآمال تتجه نحو إحراز توافق على الأمور المتعلقة بصندوق الإضرار والخسائر، التمويل المناخي للبلدان النامية لدعم منعتها وصمودها في مواجهة أزمة المناخ".
وأعربت عن أملها في "أن تخرج القمة بقرار حول المادة السادسة من اتفاق باريس والمتعلقة بسوق الكربون، والتي ستساهم في توضيح رؤية الأردن وخطة عمله في هذا المجال". ولفتت إلى "أن القمة ستشهد انعقاد العديد من الأحداث الجانبية ذات العلاقة بالمنعة والتكيف العابر للحدود، والتعاطي مع الأخطار المناخية على مستوى المنطقة".
وتركز المادة السادسة على تطور أسواق الكربون، وهي الأماكن التي يمكن فيها للدول والشركات والأفراد تداول ما يعرف بأرصدة انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي.
وبرأي رئيس مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والمياه والبيئة د. دريد محاسنة "فإن صعود اليمين الأميركي ممثلا بالرئيس دونالد ترامب، والذي لا يؤمن على الأطلاق بأزمة المناخ، والذي تدلل بالانسحاب الأميركي من اتفاق باريس في عهده السابق، سيلقي بظلاله على أجندة كوب 29".
ولكن "الواقع العملي والمتغيرات المناخية في العالم تثبت أن هنالك حاجة ملحة لتقليل انبعاثات الكربون"، بحسبه.
وأما على صعيد الأردن "فإن السياسات التي تتبع بالتعامل مع السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، تؤثر على مستوى العمل المناخي، في ظل أن هنالك حاجة للتحول نحو الاقتصاد البيئي"، بحد قوله.
والمطلوب من المفاوضين في قمة المناخ "طرح تأثيرات الحرب الوحشية الإسرائيلية على غزة وجنوب لبنان على الموارد المائية، والبيئية، وكيف تقوض العمل المناخي"، وفق محاسنة.
وتأمل أذربيجان أن تقدم البلدان تقاريرها الأولى عن التقدم المحرز في مجال العمل المناخي، خلال القمة، قبل الموعد النهائي المحدد في 31 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، لكن من غير المؤكد حدوث ذلك.
وتهدف تقارير الشفافية، التي تصدر كل عامين، إلى شرح التقدم المحرز في كل دولة، صوب تحقيق أهدافها المناخية، والمدى الذي تحتاجه لتحديد أهداف جديدة بحلول شباط (فبراير).(الغد)