مؤاب - في لحظة فارقة من تاريخ العدالة الغائبة، وفي صرح من أهم منابر القرار الأوروبي، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ثابتًا كالرمح في مهب العاصفة، مدافعًا عن القيم الإنسانية، ومجسّدًا لموقف الأردن العروبي الأصيل تجاه القضية الفلسطينية، لقد كانت كلمة جلالته أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ، تعبر عن خطاب سياسي، وتمثل صرخة ضمير، ومرافعة تاريخية باسم الأمة، ورسالة موجهة إلى وجدان العالم.
فقد خاطب جلالة الملك النواب الأوروبيين إلى جانب الإنسانية جمعاء وضمير العالم، داعيًا إلى استعادة البوصلة الأخلاقية، والعودة إلى المبادئ التي قامت عليها الحضارة الحديثة التي تتمثل بالكرامة والعدالة والحق في الحياة، فقد قدّم جلالته صورة ناصعة للقيادة الهاشمية التي لم تحِد يومًا عن الوقوف مع الحق الفلسطيني، وعبّر عن موقف الأردن الثابت الذي لم تهزه الرياح ولا المتغيرات.
لقد وضع جلالة الملك المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، حين وصف ما يجري في غزة بأنه كارثة إنسانية تُنتهك فيها كل القوانين والمواثيق، فقد حمل في كلمته السياسية نبضا ووجعا وكرامة، لقد نبضت كلماته بقلب العروبة وضجت بصوت الأمهات الثكالى والطفولة المحاصَرة، مؤكداً أن السلام لا يُبنى بالقوة والسلاح، بل بالعدالة واحترام حقوق الإنسان، وبالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
إن جلالة الملك، حين شبّه الحاجة إلى العدالة بما جرى في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، كان يوجه رسالة قاسية ولكن عادلة إلى ضمير الغرب: لقد بنيتم وحدتكم على أنقاض الحرب، فلتبنوا السلام في الشرق على قيم العدالة ذاتها.
وإننا، في مجلس النواب الأردني، نرى في هذا الخطاب الملكي المشرف خريطة طريق لكل شرفاء الأمة، ونجدّد دعمنا الكامل لجلالة الملك في هذا الموقف الأخلاقي والقيادي الذي يشرف كل أردني وأردنية، كما نؤكد أننا سنفعل ما بوسعنا في إطار الدبلوماسية البرلمانية العربية والدولية لتعزيز هذا الصوت الهاشمي الصادق، وفضح ازدواجية المعايير، وكسر جدار الصمت الدولي.
إن جلالة الملك لا يتحدث فقط باسم الدولة، بل باسم الشعوب الحرة في هذا العالم، باسم الضحايا الذين لا صوت لهم، وباسم أطفال فلسطين الذين باتوا يحلمون بيوم لا تسقط فيه القنابل على رؤوسهم، وإننا، كنُوّاب للشعب الأردني، نقف بكل ما نملك من إرادة وموقف خلف هذا الخطاب، ونرفع رؤوسنا فخرًا بقيادتنا التي لطالما كانت حامية للحق، وراعية للسلام، ومظلة للكرامة الإنسانية.
حفظ الله الأردن، وحفظ جلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده الأمين، وأدامه صوتًا عاقلاً في زمن الجنون، وراية عدلٍ في زمن الظلم.
النائب الدكتور شاهر شطناوي
رئيس لجنة الصحة والغذاء النيابية