crossorigin="anonymous">

ميدان عمّان" في القاهرة...حكاية محبة الأردن بقلوب المصريين

مشاركة

مؤاب-في حي الدقي العريق وعلى مرمى خطوات من صخب العاصمة المصرية القاهرة، يقع ميدان صغير يحمل في اسمه قصة كبيرة تجسد عمق محبة بين شعبي الأردن ومصر، هو "ميدان عمان"، فالمكان برونقه الذي يشبه قطعة من ميادين الأردن ليس مجرد تقاطع طرق، بل مساحة تجسد توأمة غير مكتوبة بين القاهرة وعمان، بين بلدين وشعبين يتشاركان التاريخ والوجدان.
فعند التقاء شارعي "محيي الدين أبو العز" و"عمان"، يتفتح المشهد على فسيفساء من الحياة اليومية مقاه مزدحمة، ومحال تجارية، وخطوات عابرة، وضحكات عفوية لا تعرف الغروب غير أن ما يميز المكان ليس الحركة فقط، بل روحه التي تبدو مألوفة لكل من زار جبل اللويبدة أو التنزه في شارع الرينبو، أو جلس في مقهى قديم وسط البلد في عمان.
لم يكن اختيار الاسم عشوائيًا، فحي الدقي، ومنذ عقود، اختار أن يحتفي بالعواصم العربية من خلال إطلاق أسمائها على شوارعه وميادينه، في مبادرة غير رسمية لكنها شديدة الدلالة من بينها بيروت، والجزائر، ودمشق، والخرطوم تتجاور على لوحات الشوارع، لكن "عمان" تظل الأكثر دفئًا وقربًا لقلوب المصريين، ربما لأنها تشبه القاهرة في مزاجها، في طيبتها، وفي دفء ناسها.
وميدان عمان ليس مجرد نقطة التقاء تقتصر على الجغرافيا والاسم بل تعكس وجدانًا مشتركًا في المساء يجمع الأشقاء على المحبة فلا حاجة لخطابات ولا بيانات ورسميات تبرهن على تاريخ ومصير مشترك بين الأردن ومصر، فمن ينظر إلى اللافتة ويصغي إلى وقع الأقدام يدرك أن العروبة لا تحتاج تعريفات أكاديمية يكفي أن تكون محفورة في خرائط المدن، وفي قلوب سكانها.
وأكد الأمين العام لاتحاد المؤرخين العرب الدكتور طارق منصور لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن إطلاق اسم "عمان" على أحد شوارع القاهرة لا يأتي من فراغ بل يجسد عمق العلاقات التاريخية والروحية التي تربط بين مصر والأردن ويعكس تقديرًا صادقًا ومتأصلاً لما تمثله العاصمة الأردنية من ثقل ومكانة في الوجدان العربي.
ولفت إلى أنها رسالة رمزية تعبر عن الاحترام والتقدير لدور الأردن وجهوده المخلصة في المحيط العربي، وكذلك اعترافًا بما يربط الشعبين المصري والأردني من وشائج نسب ومصاهرة، وأواصر أخوة متجذرة في عمق التاريخ.
وأشار إلى أن العلاقة بين مصر والأردن ليست وليدة لحظة، بل هي علاقة ضاربة في جذور التاريخ، تقوم على وحدة الهدف والمصير، وتتجاوز الأطر الرسمية، إنها علاقة ذات بعد روحي لا يمكن تفسيره إلا من خلال تلاحم الشعبين وتكامل رؤاهما.
كما أكد، أن عمان في قلب القاهرة ليس مجرد اسم على لافتة، بل هو شاهد على محطات وقواسم مشتركة في التاريخ وعلى نضال مشترك في سبيل قضايا الأمة العربية، وعلى انسجام دائم بين قيادتين وشعبين جسدا عبر العقود أسمى معاني التضامن العربي.
ومن جهته، أشار الخبير في العلاقات الدولية طارق برديسي لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، "بالعودة إلى التاريخ والحاضر فهناك الكثير من الروابط والقواسم المشتركة بين البلدين تاريخيًا وسياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، لأسباب عدة، من بينها القرب الجغرافي ووحدة الهدف والمصير، فمن الناحية السياسية يظهر جليًا التنسيق السياسي بين القاهرة وعمان كحجر الزاوية في المواقف العربية الموحدة وحفظ الأمن القومي العربي، خصوصًا في المحافل الدولية، وهو ما يعكس الثقة المتبادلة بين القيادتين والشعبين".
ولفت إلى أن تاريخ العلاقات المصرية الأردنية يعكس نموذجًا فريدًا من التعاون العربي المشترك، حيث اتسمت هذه العلاقات بالثبات والاحترام المتبادل في مختلف المراحل التاريخية، سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا ومنذ استقلال الأردن شكلت القاهرة وعمان محورين رئيسيين في دعم قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ما جعل العلاقة بين البلدين أكثر من مجرد علاقات دبلوماسية، بل تحالفا استراتيجيا متجذرا في التاريخ العربي الحديث.
وأكد، أن تسمية شارع في القاهرة باسم "ميدان عمان" لا يعد مجرد بادرة رمزية بل هو تجسيد ملموس لعقود من التعاون والاحترام بين الشعبين، وتعبير عن الامتنان المتبادل بين عاصمتين شكلتا معًا ركيزة الاستقرار العربي، ويعكس الترابط الجغرافي والسياسي بين البلدين ويخلد الذاكرة المشتركة بين شعبين جمعتهما وحدة المصير والهدف.

 


--(بترا)

الكلمات المفتاحية