crossorigin="anonymous">

الوظائف القيادية… الجدارة أولًا وكسر حلقة المحسوبية بقلم: المحامي خالد الطراونة

مشاركة

تُعدّ الوظائف القيادية في مؤسسات الدولة الأردنية من الركائز الأساسية لضمان فاعلية الأداء المؤسسي، وتحقيق التنمية المستدامة، وترسيخ مبادئ الإصلاح الإداري. غير أن هذا المسار لا يزال يواجه عقبات حقيقية، على رأسها استمرار ظاهرة المحسوبية والواسطة، التي تقوّض مبدأ تكافؤ الفرص، وتضعف المنافسة العادلة، وتحدّ من قدرة مؤسسات الدولة على اختيار الأفضل.

كثيرًا ما نشهد عند الإعلان عن شاغر قيادي أن الكواليس تطغى على المشهد، وأن معايير العلاقات الشخصية تحل محل الكفاءة والخبرة. في مثل هذه الحالات، يصبح التعيين نتيجة للانتماءات والمحسوبيات لا للجدارة، فتبتعد القرارات عن مبادئ العدالة والنزاهة، وينتج عنها تعيينات لا ترتقي لمتطلبات المصلحة العامة.

إن استمرار هذه الممارسات يشكّل إخفاقًا إداريًا وانتهاكًا لمبادئ الحاكمية الرشيدة التي شدد عليها جلالة الملك في أوراقه النقاشية، فضلًا عن تعارضها مع القوانين والاتفاقيات الدولية التي التزمت بها المملكة منذ تأسيسها. الأصل أن يتم اختيار القيادات العليا بناءً على المؤهلات العلمية والخبرة العملية، مرورًا بمقابلات شخصية حقيقية وموضوعية، لا أن تتحول المناصب إلى "غنائم" يتم توزيعها وفق الأهواء.

الإصلاح الإداري الذي تتبناه الحكومة يجب أن يقوم على العدالة والشفافية والمساءلة، مع وضع آليات تقييم دقيقة تعتمد على الكفاءة والقدرة على الإنجاز. فتكافؤ الفرص حق لكل مواطن، ولا بد من إزالة أي عوائق أو تدخلات غير مشروعة تعرقل المنافسة الحقيقية وتؤثر على قرارات الاختيار.

لقد حذّر جلالة الملك من "الأيادي المرتجفة" التي يجب إبعادها عن مواقع القرار، باعتبار ذلك خطوة جوهرية لكسر حالة الجمود الإداري، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وحماية المال العام. ورغم أن هناك مؤشرات إيجابية في الآونة الأخيرة لتحسين إجراءات التعيين، إلا أن الحاجة ما زالت ملحة لاتخاذ قرارات جريئة وحاسمة تجعل من الكفاءة المعيار الأوحد لشغل المناصب القيادية.

إن الإصلاح الحقيقي يبدأ من القمة، فحين يجلس في مواقع المسؤولية أشخاص أكفاء قادرون على ترجمة الرؤية الوطنية إلى واقع ملموس، فإن ذلك يرسخ أسس الحوكمة الرشيدة ويعزز ثقة المواطن بمؤسسات الدولة.

والله من وراء القصد.

الكلمات المفتاحية