المدينة الجديدة.. هل تسهم بالتخفيف من الضغط السكاني في عمان والزرقاء؟

مشاركة

مؤاب - فيما كشف رئيس الوزراء د.جعفر حسان في بيان الثقة أمام مجلس النواب أمس، عن تفاصيل جديدة حول مشروع المدينة الجديدة الذي تنوي الحكومة بدء تنفيذه، دعا مراقبون الحكومة لوضع التنمية الحضرية ضمن أولوياتها الرئيسة لتحسين سبل عيش المواطنين بمدنهم، والوصول لخيارات أفضل من الخدمات والمواصلات وفتح الطرق، مع الحرص على زيادة الرقعة الخضراء وانتشار الحدائق العامة، وتقييم موضوع الطاقة والمياه في ظل التحديات وآلية تزويد المدينة الجديدة بها.
والمدينة الجديدة طرحت فكرتها لأول مرة في عهد حكومة د.هاني الملقي، قبل أن تستبعدها حكومة د.عمر الرزاز، ثم أعادت الحكومة السابقة برئاسة د.بشر الخصاونة إحياءها، لتصبح بالنهاية تكليفا ملكيا لحكومة د.جعفر حسان.
وقال حسان في بيان الثقة، إن بناء المدينة الجديدة على مقربة من العاصمة عمان ومدينة الزرقاء، داخل محافظة العاصمة، وعلى أراض مملوكة للدولة، أصبحت ضرورة وحاجة قصوى، ومن هذا المنطلق تبلورتْ خلال السنوات الماضية فكرةُ إنشائها، إلى جانب توفير خدماتٍ أفضل وبنيةٍ قادرة على توفيرِ أعلى مستوياتِ الخدمات، وتخفيفِ الضَّغط السكاني والأزمات المروريةِ وكُلف السكنِ والمعيشة.
ونشرت الحكومة السابقة العام الماضي، خريطة توضيحية لموقع المدينة الجديدة، الذي يبعد نحو 40 كم عن وسط عمان، و27 كم عن مطار الملكة علياء، و31 كم عن مدينة الزرقاء.
ويُعتبر موقع مشروع المدينة الجديدة، جزءا من أراضي البادية الأردنية، ويقع على طريقين دوليين يربطان الأردن مع المملكة العربية السعودية وجمهورية العراق، وتبلغ مساحتها الإجمالية المقدرة بعد الانتهاء منها قرابة 277 ألف دونم.
وفي هذا الإطار، قال رئيس مجلس هيئة المكاتب والشركات الهندسية في نقابة المهندسين عبدالله غوشة، من الأهمية في هذه المرحلة من المشروع اطلاع الرأي العام على العديد من التفاصيل، وذلك لإعطاء ثقة للمستثمرين من القطاع الخاص، كهوية المدينة ورسالتها والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسكانية، مشيرا إلى أنه يمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول بكيفية تأسيس المدينة من الناحية الادارية والتنظيمية وطرق التمويل وحوافز المستثمرين.
وتساءل غوشة: هل ستدار كشركة حكومية أم كمنطقة تنموية أم كوحدة تنموية حضرية مستقلة؟، مؤكدا أهمية البدء بتنفيذ الطريق الدائري الذي يقع بعد موقع المدينة الجديدة.
ودعا للاطلاع على التجربة المصرية للمدن الجديدة فيما يتعلق بالتخطيط لخلق وسيلة مواصلات عامة، كمترو مصر الجديدة الذي تم إنشاؤه منذ 100 عام من المستثمر البارون امبان لمدينة هليوبوليس، قبل أن يبدأ بالأعمال الإنشائية.
وأضاف "من المهم البدء بالتفكير بوسائل المواصلات وفتح الطرق الجديدة وربط الطريق الصحراوي بالزرقاء من جنوب المدينة الجديدة، فضلا عن تقييم موضوع الطاقه والمياه وآلية تزويد المدينة الجديدة بها".
وأشار رئيس الوزراء في بيان الثقة، إلى أن الحكومة ماضية بالإعداد والتخطيط لهذا المشروع، الذي يمنح فرصاً للشباب تلبي طموحاتهم واحتياجاتهم بالسكن والعمل والحياة الكريمة، موضحا أن المشروع يهدف لتخفيف الضغط الحالي والمستقبلي بكلف السكن والتنقل، وسيوفر بدائل سكنية وخدمية حديثة، تعتمد أحدث التقنيات البيئية والتكنولوجية، معتمداً على مصادر الطاقة البديلة.
وكان وزير دولة للشؤون الاقتصادية ورئيس الفريق الاقتصادي الحكومي مهند شحادة، قال خلال لقاء مع الصحفيين الاقتصاديين الشهر الماضي، إن اللجنة المشكلة لمشروع المدينة الجديدة، سترفع توصياتها لمجلس الوزراء، حيث تم الانتهاء من إعداد المخطط الشمولي الذي يضم ستادا دوليا ومراكز ترفيهية.
ويهدف مشروع المدينة الجديدة، لاستيعاب جزء من التوسُّع الحضري المتسارع للعاصمة عمان ومدينة الزرقاء وتوفير البدائل المناسبة للمواطنين من حيث نوعيّة أفضل من السكن والمعيشة بأسعار معقولة، وإيجاد حلول بديلة لمواجهة تحدّيات توفير الخدمات العامّة.
بدوره، قال خبير التخطيط العمراني والتنمية ورئيس لجنة التخطيط والتصميم الحضري في نقابة المهندسين الأردنيين، د.خالد المومني، انه يؤيد مشروع المدينة الجديدة في ظل ما طرحته الحكومة من مبررات لإنشائها، بخاصة في ظل موجات اللجوء والنمو السكاني الكبير والضغط على البنى التحتية والخدمات، بخاصة الضغط السكاني الكبير على مدينتي عمان والزرقاء، والارتفاع الكبير بأسعار العقار في الأردن وبالتالي حلم الشباب اليوم، أصبح بعيدا جدا بامتلاك وحدة سكنية.
وتابع: مشروع المدينة الجديدة يتحدث عن بيئة اقتصادية واستثمارية مريحة، وتنقل سهل باستخدام أحدث التقنيات، لان التوجه العالمي العمراني الآن هو للمدن الذكية واستخدام التقنيات المختلفة فيها، وستشكل المدينة محركا اقتصاديا مهما، عبر النمو العمراني والاقتصادي والاجتماعي.
ولفت الى ان الحديث الآن عن المرحلة الاولى بخطط التنفيذ العام القادم، وهي اعداد كامل مخططات البنى التحتية وبدء الشراكات مع القطاع خاص لتنفيذ المشروع على المدى الطويل، وإنشاء إسكانات للموظفين والمتقاعدين وتأسيس بيئة حضارية نموذجية تمتد لعشر سنوات قادمة.
وشدد على أنه لا شك أن من أهم مقومات النجاح للمشروع، هي توفير خدمات البنية التحتية كمصادر المياه اللازمة للمنطقة سواء كانت للاستعمال السكني أو التجاري والاستعمالات المختلفة الأخرى، اضافة للكهرباء والغاز، إذ نتحدث عن غاز حقل الريشة، وامكانية الاستفادة منه بتخفيض كلفة فاتورة الكهرباء والطاقة على المواطنين، منوها لضرورة وجود استثمارات تولد فرص عمل بالمنطقة.
من جهته، يقول د.عماد المعلا، إن الحكومة تدرك جيدا أن الزيادة السكانية المطردة وتوسع المدن يفرض عليها تقديم حلول للتوسع بالتنمية الحضرية، أساسها تجويد الخدمات المقدمة للمواطنين، والتوسع بالبنية التحتية والمساحات العامة والحدائق والتشجير، والنهوض بقطاع النقل العام بشكل خاص، مع الحرص على تقييم موضوع الطاقة والمياه في ظل التحديات وآلية تزويد المدينة الجديدة بها.
وأضاف رئيس الوزراء "أن نحو 56 % من سكان الأردن يقطنون مدينتي عمان والزرقاء، وهي نسبة مرشحة لزيادة طبيعية كبيرة خلال العقود الثلاثة المقبلة، ما يفرض إيجاد رؤية مستقبلية، لتخفيف الضغط السكاني عن هاتين المدينتين، واستدامة البنى التحتية، وتحسين نوعية الحياة للمواطنين فيها.
وتابع :يجب أن تراعي المدينة الجديدة معايير الحداثة، وأن تكون صديقة للبيئة، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية والتنموية، وتخفف من الضغط على الخدمات والنقل والبنى التحتيَة في العاصمة عمان ومدينة الزرقاء بشكل أساسي، كما يجب إنشاء شبكة مواصلات عصرية وحديثة بين المدينة المقترحة وكل من العاصمة ومطار الملكة علياء الدولي والميناء البري في الماضونة ومدينة الزرقاء.
وأكد أهمية إجراء دراسات مستفيضة بشأن المدينة الجديدة، مشددا على ضرورة التخطيط الجيد لها، بما يضمن نجاحها وحل المشكلات والضغط على الخدمات الرئيسة والبنى التحتية، ودراسة الأثر الاقتصادي والتنموي لكلّ القطاعات لتعزيز نموها، مع التأكيد على أن ذلك كلَّه ضمن إطار زمني يمتد للعقد المقبل في المراحل الأولى.
ولفت إلى أن مشروع المدينة الجديدة عاد للواجهة مجددا بدعم ملكي كبير، ما يفتح آفاقا جديدة أمام الأردن لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، إلا أن نجاحه يتطلب تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص، وتجاوز التحديات التي قد تواجهه.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة تعمل على تجهيز الخطط المتكاملة للمراحل الأولى من هذه المدينة، خلال العام المقبل، وتتضمن شبكات طرق ووسائل نقل حديثة، تسهم بإرساء بيئة حضرية نموذجية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية واستثمارية، حالية ومستقبلية، عبر الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والخارجي؛ لما لهذا المشروع من أثر اقتصادي وتنموي مهم لكلّ القطاعات لتعزيز نموها، مع التأكيد على أن ذلك كلَّه ضمن إطار زمني يمتد للعقد المقبل في المراحل الأولى.
ورصد مشروع قانون الموازنة العامة 2 مليون دينار لإجراء الدراسات التفصيلية للمدينة الجديدة الذي أطلقتها الحكومة في تشرين الثاني "نوفمبر" من العام الماضي.

الكلمات المفتاحية