كبح أسعار الغذاء.. أدوات متاحة فمن يستغلها؟

مشاركة

مؤاب - مع مواصلة أسعار الغذاء في الأردن ارتفاعها على مدار الأشهر الأخيرة، وفق ما أظهر تقرير الأمن الغذائي الصادر عن البنك الدولي، حذر خبراء اقتصاديون من أن هذه الارتفاعات المتتالية تحمل مخاطر جمّة، من شأنها أن تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة للأسر الفقيرة والمعوزة.
وأكد هؤلاء الخبراء أن ارتفاع أسعار الغذاء محليا مرده الأساسي خارجي، ومتعلق بارتفاع كلف وأجور الشحن البحري والتأمين عليه، إضافة إلى تأثيرات التغيير المناخي التي ألحقت الضرر بالمنتجين حول العالم حيث كان لذلك انعكاس على زيادة تكلفة السلع المستوردة سواء على التجار أو المستهلكين، علاوة على ارتفاع كلف الإنتاج محليا، وتأثر الإنتاج الزراعي سلبا في المملكة من موجات الحر.
إلا أن الخبراء أكدوا أن ارتفاعات أسعار الغذاء في المملكة لم تكن حادة مقارنة بمعدلات الارتفاع التي شهدتها كثير من الدول، مشيرين إلى أن معدلات التضخم في الأردن ما تزال إلى حد ما عند مستويات آمنة.
وبغية التغلب على ارتفاع الأسعار محليا والحد من الضغوط التضخمية، أكد خبراء وجود أدوات متاحة لدى الحكومة من ضمنها تخفيض الرسوم والكلف على المواد الأساسية المستوردة، وإعادة النظر بالأجور التي لم تطرأ عليه أي تغييرات منذ سنوات طويلة. وتسهيل الظروف التي تساهم في زيادة الإنتاج الزراعي المحلي، وبذل جهود إضافية في توطين بعض الأصناف النباتية سيما القمح، واتخاذ المزيد من الإجراءات الحمائية المتعلقة بالسلع الأساسية وضبط الأسواق.
وكان تقرير الأمن الغذائي العالمي الذي يصدره البنك الدولي، أظهر ارتفاع أسعار الغذاء في الأردن بما نسبته 2.1 %، حتى نهاية شهر أيار الماضي.
وبحسب البنك الدولي سجلت أسعار الغذاء في الأردن على مدار الأشهر العشرة الماضية ارتفاعات متتالية بنسبة تراوحت ما بين 0.6-3.0 %، باستثناء شهر نيسان (إبريل) والذي انخفضت خلاله أسعار الغذاء بنسبة طفيفة للغاية بلغت 0.1 %.
وأشار التقرير إلى أن تضخم أسعار المواد الغذائية ما يزال مرتفعا في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، إذ تجاوز التضخم ما نسبته 5 % في نحو 59 % من البلدان منخفضة الدخل وفي 63 % من البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى، و36 % من البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى، وفي نحو 11 % من البلدان ذات الدخل المرتفع.
يشار إلى أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك (التضخم)، ارتفع محليا بنسبة 1.65 % خلال الـ5 أشهر الأولى من العام الحالي مقارنة مع الفترة ذاتها من 2023، بحسب دائرة الإحصاءات العامة.
وقال الخبير الاقتصادي مفلح عقل إن استمرار ارتفاع أسعار الغذاء محليا، يحمل مخاطر اجتماعية كبيرة ويفاقم من صعوبة الأوضاع المعيشية لدى المواطنين، لا سيما لدى الفئات محدودة الدخل والفقيرة.
واستدرك أن معدلات التضخم في الأردن ما زالت إلى حد ما آمنة، ولم تطرأ ارتفاعات حادة على أسعار السلع والخدمات كما حدث في كثير من الدول، متوقعا أن تتراوح معدلات التضخم مع نهاية العام ما بين 2-2.4 %.
وأوضح عقل أن ارتفاع أسعار الغذاء في الأردن مرده الأساسي خارجي، ومتعلق بارتفاع كلف وأجور الشحن البحري والتأمين عليه، والذي ينعكس على زيادة تكلفة السلع المستوردة سواء على التجار أو المستهلكين، إضافة إلى التغييرات المناخية على المستوى الدولي والتي ألحقت ضررا بالغا بالمنتجين من حول العالم. 
ويضاف إلى ذلك تضرر المزارعين في الأردن من الأحوال الجوية غير المسبوقة في المملكة في هذا الوقت من العام والتي شهدت أكثر من موجة حر، عدا عن تضاعف الكلف التشغيلية والإنتاجية على القطاع الزراعي، والتي شهدت أكثر من موجة حر، وأخيرا ارتفاع  أسعار المشتقات النفطية عالميا والتي يستورد الأردن أغلب حاجاته منها.  
وللتغلب على ارتفاع الأسعار في الأردن والحد من تضاعف معدلات التضخم، يرى عقل أن على الحكومة العمل على تركيز زيادة الإنتاج الزراعي، وبذل جهود إضافية في توطين بعض الأصناف النباتية لا سيما القمح الذي طرأت زيادة على أسعاره عالميا، إضافة إلى تخفيض الكلف التشغيلية على القطاع الصناعي الغذائي، واتخاذ المزيد من الإجراءات الحمائية المتعلقة بالسلع الأساسية وضبط الأسواق.
بدوره، اعتبر مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض أن بيانات البنك الدولي حول ارتفاع أسعار الغذاء في الأردن تتطابق مع بيانات دائرة الإحصاءات العامة، التي كشفت عن ارتفاع التضخم خلال الأشهر الأولى من العام، معزيا ارتفاع الأسعار إلى زيادة تكاليف استيراد وشحن السلع الأساسية على وقع الاضطرابات في منطقة البحر الأحمر، إضافة إلى ارتفاع كلف الإنتاج محليا.
وأكد عوض أن الارتفاعات المتتالية لأسعار المواد الغذائية والأساسية من شأنها أن تضعف من قدرة قطاعات واسعة من المواطنين الأردنيين من الوصول والحصول على المواد الغذائية بالشكل الكافي، إلى جانب مفاقمة الأوضاع المعيشية للأسر الفقيرة والمعوزة. 
وبقصد الحد من ارتفاع أسعار الغذاء والضغوطات التضخمية، دعا عوض الحكومة إلى ضرورة العمل على تقديم الدعم للقطاعات المنتجة للصناعة الغذائية والزراعية، إضافة إلى تخفيض الرسوم والكلف على المواد الأساسية المستوردة، فضلا عن أهمية إعادة النظر بالأجور التي لم يطرأ عليها أي تغييرات منذ سنوات طويلة.
إلى ذلك، قال ممثل قطاع المواد الغذائية في غرفة تجارة الأردن جمال عمرو إن بعض أصناف الغذاء شهدت على المستوى المحلي خلال الفترة الماضية ارتفاعا ملموسا في أسعارها، وتحديدا الدجاج والخضراوات والفواكه. 
وتابع في المقابل هناك استقرار على أغلب السلع الغذائية الرئيسة كالسكر والأرز والزيت وبعض أنواع الحبوب، لافتا إلى وجود انخفاض في السوق العالمي مؤخرا على أسعار السكر والزيوت وبعض أنواع الأرز، إلا أنها ما زالت تباع في السوق المحلي بأسعارها السابقة لهذا الانخفاض.
وأكد عمرو أن الارتفاعات التي حصلت منذ بداية العام على أسعار الغذاء في العالم لم يكن لها انعكاس كبير على ارتفاعها محليا، نتيجة توفر مخزون  كبير من السلع الغذائية لدى أغلب التجار المحليين، وهو ما يفسر محدودية مقدار ارتفاع الأسعار في السوق المحلي مقارنة مع بعض الأسواق الأخرى. 
ولفت عمرو إلى أن أسعار الشحن عالميا طرأ عليها ارتفاع كبير خاصة في بداية شهر تموز(يوليو) الحالي خاصة من دول شرق آسيا عكس البضائع التي يتم استيرادها من تركيا أو دول الاتحاد الأوروبي.
وأوضح عمرو أن ارتفاع أجور الشحن وكلفه من بعض مصادر الاستيراد، سينعكس بالضرورة على ارتفاع هذه السلع المستوردة محليا، متوقعا أن ترتفع أسعار بعض الأصناف الغذائية بمقدار أكبر مما هي عليه الآن، خلال شهر آب (أغسطس) المقبل. 

الكلمات المفتاحية