بعد خسارتها الانتخابات.. أحزاب تواجه عقدة الاستقالات

مشاركة

مؤاب - تواترت الاستقالات الجماعية في أحزاب وتيارات سياسية، عقب انتهاء الانتخابات النيابية 2024، بعد سيطرة أحزاب الوسط واليمين على مقاعد القائمة الوطنية، ما تسبب بإثارة تساؤلات أحزاب أخرى لم تصل حد العتبة، كي تؤمن مقاعد لها في مجلس النواب الـ20، وبينها أحزاب يسارية أو من اليسار الاجتماعي.

مطلعون على الشأن الحزبي، توقعوا انضمام أحزاب جديدة إلى موجة الاستقالات، جراء عدم وصولها إلى حد العتبة، منها أحزاب يسارية، في محاولة لإعادة تموضع حزبي جديد، بينما فشلت نحو 15 قائمة حزبية، تمثل نحو 28 حزبا من الوصول إلى حد العتبة، وهذا قد يشكل لها حرجا أمام قواعدها الانتخابية.
وما زاد الطين بلة، تبلور في دخول أحزاب نالت عددا جيدا من المقاعد في المجلس، أتاحت لها المشاركة في الحكومة، ومنها حزبا: إرادة والميثاق، فضلا عما ستقدمه من تمثيل متوقع وأوسع في مجلس الأعيان، حال تشكيله وفق المطلعين.
استقالة الأمين العام للحزب الديمقراطي الاجتماعي سمر دودين، بعد خسارة حزبها في الانتخابات "فجرت" التساؤلات حول حالة النكوص للوصول إلى حد العتبة لحزبها، وربما للأحزاب ذات التوجهات القريبة له، لذا فإن كرة الثلج التي ألقى بها الحزب تدحرجت ووصلت إلى الحزب المدني الديمقراطي، وسبق تدحرجها ما جرى من استقالات في حزب ظفر بمقاعد بالمجلس.
في هذا الجانب، قدم أيضا 22 عضوا في المكتب السياسي لـ"الديمقراطي الاجتماعي" استقالاتهم من مهامهم في المكتب، بعد عدم تحقيق حزبهم حد العتبة في الانتخابات، وجاء اتفاقهم على الاستقالة بعد اجتماع عقده الحزب الثلاثاء الماضي، لتحتمي هذه الاستقالة بتحملهم للمسؤولية الأدبية والأخلاقية لهذا "الفشل"، ومن أبرز أعضاء المكتب المستقيلين، دودين، إلى جانب: جميل النمري، وأمجد أبو جري، وراكان الرواد، وحسن العتوم، وشهد العدوان، وتمارا العزام.
لقد حالت نسبة الحسم "العتبة"، دون وصول 15 قائمة عامة إلى المجلس النيابي، بينما تمكنت 10 قوائم عامة، من بلوغ العتبة ووصول ممثلين عنها للمجلس.
وفي النطاق ذاته، فقد نال الحصة الكبرى من المقاعد الـ41 المخصصة للقوائم العامة: حزب جبهة العمل الإسلامي الذي حصد 17 مقعدا منها، بعد حصوله على 464350 صوتا، بينما تقدم للقائمة 25 بـ697 مترشحا ومترشحة، وسط منافسة شديدة، لنيل حصتهم من المقاعد من أصل 138 مقعدا.
وتقاسمت 9 قوائم 24 مقعدا، حصد منها الميثاق 4 مقاعد وإرادة 3 والوطني الإسلامي 3 وتقدّم 3 والاتحاد الوطني 3، بينما حصلت أحزاب: الأرض المباركة والعمال وتحالف نماء والعمل وعزم على مقعدين لكل منها.
ومن بين أعضاء الحزب المدني الديمقراطي الذين أعلنوا استقالاتهم، بعد نتائج قائمة التحالف غير المرضية في الانتخابات: مساعد الأمين العام للشؤون المالية سامي باجس ونظيره لشؤون الإعلام عرفات هاكوز، ورئيس فرع "عمان الثالثة" وعضو المجلس المركزي رعد هارون، وعضو المجلس المركزي معن القطب، على خلفية النتائج المخيبة التي حققتها قائمتهم، وأصبح من الواضح أن هناك حاجة ماسة للتغيير والإصلاح، وإجراء ثورة بيضاء داخلية لتصحيح مسار الحزب الذي أدى لفشل حال بينهم وبين وجود نائب واحد - على الأقل - لهم، يمثل الحزب في المجلس عن القائمة العامة. 
وأضاف بيان الأعضاء المستقيلين، "بالإشارة إلى الكتاب الذي دعونا فيه أعضاء المكتب التنفيذي للحزب المدني الديمقراطي إلى الاستقالة، نشير إلى ضرورة تحمل المكتب المسؤولية الأخلاقية والإدارية أمام أعضاء الحزب الذين بذلوا جهوداً كبيرة دون كلل أو ملل، وفتح المجال أمام دماء جديدة لقيادة الإصلاح، بعيداً عن المحاصصة والصراعات على المناصب، وتراشق الاتهامات التي انتهجتها قيادات الحزب لتصدر المشهد".
وزاد البيان "نعلن نحن مجموعة من أعضاء الحزب (200 عضو)، تقديم استقالتنا الجماعية بعد دراسة متأنية للأوضاع الحالية وما آلت إليه الأمور داخلياً".
دودين علقت موضوع الاستقالات من الأحزاب التي لم تحقق حد العتبة أن أحزاب اليسار بحاجة لحوار حقيقي لإنجاز تحالف، يمكنها من الوصول ببرنامج متكامل، يمثل قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والتضامن في الانتخابات المقبلة". 
وأشارت دودين، إلى أن ترتيب المقاعد استحوذ على وقت وجهد كبيرين، أثناء التحضير للانتخابات، وكان للمكاتب المركزية في كل حزب قرارات مسبقة تتعلق بترتيب المقاعد، ما أثر على نتائجها في الحصول على أي مقاعد". 
وأوضحت، أن تصويب الأوضاع أيضا، أثر على نوعية العضوية في الأحزاب التي تميزت بقوة أيديولوجية، وكان واضحا أهمية القواعد الاجتماعية والأسرية للمترشحين، لكن ذلك كان على حساب البرنامج والقيم الحزبية. 
وأضافت دودين، "لدى القوى اليسارية بطيفها الكامل، طاقة وقدرة حقيقيتين على التحالف بعد الانتخابات، بخاصة وأن النتائج كشفت أهمية التجربة في تعزيز فكرة التحالف المستقبلي"، مشددة على أن نسبة التصويت المتدنية، تشير لأهمية العمل الجاد مع الأغلبية الصامتة التي تمثل وسط اليسار، وهذا عمل يحتاج لوقت وعمل مشتركين".  
ووفقا لمصادر مطلعة، أشارت لـ"الغد"، بأن أحزابا أخرى بصدد إعادة ترميم أوضاعها، أسوة بالأحزاب الاجتماعية، فضلا عن فشل تحالفاتها التي أبرمتها من أجل الانتخابات، بالإضافة إلى تعقيدات مشهدها الداخلي، ما قد ينتج عنه إعادة نظر في قياداتها من جهة، وتصويب أوضاعها استعدادا للمرحلة المقبلة.
عموما، فإن المشهد الضبابي في الأحزاب، سرعان ما تتضح فيه الصورة بعد إعادة الهيئة المستقلة للانتخاب دراسة أوضاع الأحزاب، وإعداد أعضائها ومن خرج منها من السباق الحزبي، بينما ستبذل قيادات الصفوق الثانية والثالثة والرابعة فيها، جهودا كبيرة لوضعها على سكة العمل الحزبي ثانية، بالإضافة للتوجهات إلى تشكيل أحزاب جديدة، نقابية أو اجتماعية، ما يشير إلى أعداد العدة للمرحلة المقبلة (انتخابات المجلس 21) بعد أربعة أعوام، تكون فيها مقاعد القائمة الوطنية قد تجاوزت الـ60 في حال لم تطرأ أي تعديلات عليها خلال فترة ولاية المجلس الحالي.(الغد)

الكلمات المفتاحية