الأردن.. تفاوت كبير بتوافر خدمات الرعاية الصحية وإمكانية الوصول إليها

مشاركة

مؤاب -  نشرت منظمة "الهيئة الطبية الدولية"، مؤخراً، تقريراً حول تقييم الاحتياجات المتعددة القطاعات في الأردن، تضمن تقييماً للحالة الصحية والاحتياجات والفجوات للاجئين والسكان المضيفين المعرضين للخطر في جميع أنحاء الأردن.

كما تضمن التقرير، تقييم الحالة الصحية العقلية والاحتياجات والفجوات للاجئين والسكان المضيفين، وتقييم حالة حماية الطفل والعنف القائم على النوع الاجتماعي والاحتياجات والفجوات للاجئين والسكان المضيفين المعرضين للخطر.
وسلط التقرير الضوء على الفرص والحواجز، أمام الوصول للغذاء وسبل العيش وأنشطة توليد الدخل للاجئين والسكان المضيفين، إضافة لتقييم المخاوف المتعلقة بالمناخ والبيئة التي تؤثر على اللاجئين والسكان المضيفين.
وأظهر التقرير أن هناك تفاوتات كبيرة بتوافر خدمات الرعاية الصحية وإمكانية الوصول إليها في المملكة، ففي حين أفاد 69.9 % من الأسر بإمكانية الوصول إلى مراكز الرعاية الصحية الأولية التي تقدم خدمات العيادات الخارجية والداخلية وخدمات الأمومة، فإن الوصول إلى الخدمات المتخصصة محدود، حيث أشار 6.8 % فقط من المستجيبين إلى توفر مثل هذه الخدمات في منطقتهم.
وأشار التقرير الى أن التفاوتات حسب المناطق "صارخة"، فعلى سبيل المثال، تتمتع إربد بأعلى مستوى من توافر المستشفيات والعيادات المتخصصة، حيث أفاد 78.3 % بتوافر المستشفيات، و78 % بتوافر العيادات المتخصصة وإمكانية الوصول إليها على التوالي، وعلى النقيض من ذلك، فإن الكرك لديها أدنى مستوى، حيث أفاد 19.4 % فقط بإمكانية الوصول للمستشفيات و17.9 % إلى العيادات المتخصصة.
وتعد خدمات الأمومة أكثر أنواع الرعاية سهولة في الوصول إليها، حيث أكد 85.8 % من المستجيبين توفرها وإمكانية الوصول إليها، ومع ذلك، فإن خدمات العيادات الخارجية المتخصصة، بما في ذلك الرعاية التأهيلية، أقل سهولة في الوصول إليها، حيث أفاد 56.8 % فقط من المستجيبين بتوفرها. 
بالإضافة إلى ذلك، هناك حالة كبيرة "من عدم اليقين" فيما يتعلق بالخدمات الأساسية، مثل خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي، وخدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي، وحماية الطفل، مع عدم تأكيد نسبة كبيرة من المستجيبين (35.8 %، 41.2 %، و36.8 % على التوالي) من توفرها.
وقال التقرير، توجد أيضا فجوات بين المجموعات الديموغرافية المختلفة، فأعضاء المجتمع المضيف يتمتعون عموما بإمكانية وصول أفضل لخدمات الرعاية الصحية مقارنة باللاجئين. كما أن الفوارق بين الجنسين واضحة، حيث أفادت الأسر التي يرأسها الذكور بوصول أفضل للمستشفيات والعيادات المتخصصة مقارنة بالأسر التي ترأسها الإناث.
وأضاف أن هناك العديد من الحواجز التي تعيق الوصول لخدمات الرعاية الصحية، حيث تعد التحديات المالية واللوجستية الأكثر بروزا، وتعد التكاليف الطبية (18.0 %)، ونقص وسائل النقل (16.6 %)، وتوافر الأدوية (18.4 %) هي العقبات الأساسية التي ذكرها المستجيبون. 
ويواجه اللاجئون تحديات كبيرة بشكل خاص، حيث أفاد 35 % فقط بعدم وجود صعوبات في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، مقارنة بـ44.3 % من أعضاء المجتمع المضيف. بالإضافة إلى ذلك، تؤدي أنظمة الإحالة غير الفعالة، وخاصة بالنسبة للاجئين، إلى تفاقم مشكلات الوصول هذه، ما يؤدي إلى التأخر بتلقي الرعاية المتخصصة.
ويشكل توافر الأدوية قضية بالغة الأهمية، حيث أشار 18.4 % من المستجيبين إلى أنه يشكل عائقا كبيرا أمام الوصول للرعاية الصحية، ويشير اللاجئون، على وجه الخصوص، لاحتياجهم إلى أدوية أساسية أكبر، بخاصة للحالات المزمنة، مقارنة بأفراد المجتمع المضيف.
كما تعاني خدمات صحة الأم والطفل من فجوات كبيرة، ففي حين تلقت 71.9 % من النساء أكثر من أربع زيارات للرعاية قبل الولادة خلال حملهن الأخير، فإن مناطق مثل الكرك تظهر أوجه قصور، حيث لم تحضر 22.7 % من النساء أي زيارات للرعاية قبل الولادة، وتشكل رعاية ما بعد الولادة مصدر قلق آخر، حيث لم تتلق 62.5 % من النساء أي زيارات للرعاية بعد الولادة، مما يسلط الضوء على الحاجة لتحسين خدمات الرعاية الصحية للأمهات.
وأشار التقرير إلى أن هناك فجوة كبيرة في الوعي الصحي، بخاصة فيما يتعلق بخدمات، مثل الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وحماية الطفل. 
وفيما يتعلق بالصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي، كشف التقرير عن أن الأردن يواجه تحديات كبيرة في مجال الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي، وخاصة تلك التي تؤثر على الأطفال والمراهقين والأمهات الجدد. 
وحتى العام 2019، تؤثر الاضطرابات العقلية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق، بشكل كبير على الشباب الأردني الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاما، حيث يعاني 16.3 % من المراهقين من هذه الحالات. 
ولفت التقرير إلى أن الوصمة المحيطة بقضايا الصحة العقلية، تسهم بانخفاض المشاركة في الخدمات، ما يؤدي لنقص التشخيص وعدم الإبلاغ عن اضطرابات، مثل القلق الاجتماعي والتنمر.
وأشارت إلى أن اكتئاب ما بعد الولادة يعد مصدر قلق كبيرا، حيث يؤثر على ما يقرب من 22 % من الأمهات الجدد.
ويواجه كل من اللاجئين والمجتمعات المضيفة مشاكل مماثلة في الصحة العقلية، مع تحديات كبيرة تتعلق بالاكتئاب والقلق والتوتر.
والجدير بالذكر أن التدخين هو استراتيجية تكيف سلبية كبيرة، بخاصة بين الرجال، العنف وإيذاء النفس وتعاطي المخدرات هي أيضا سلوكيات تكيف سلبية مثيرة للقلق. 
ووفقا للدراسة، فإنه على الرغم من توفر آليات التكيف مثل الاستشارة النفسية، إلا أن استخدام هذه الخدمات ما يزال منخفضا جراء العديد من الحواجز.
وتعد وزارة الصحة مقدم خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي الأكثر شهرة، مع مساهمة المنظمات غير الحكومية والممارسين الخاصين أيضا، ومع ذلك، فإن هناك فجوات في خدمات الصحة العقلية تتمثل في الوعي المحدود، وعدم كفاية توافر الخدمات المتخصصة، والتكاليف المرتفعة، وخاصة للرعاية الخاصة.
وحول قضايا حماية الطفل، كشفت نتائج التقرير، عن انتشار كبير للإهمال والانقطاع عن الدراسة في المواقع التي تم تقييمها، كما كشفت عن "وجود مثير للقلق" لزواج الأطفال والعنف المدرسي.
وتم تحديد أفراد الأسرة كمصدر دعم أساسي لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، مع استخدام أنظمة الدعم الرسمية مثل WGSS، والخطوط الساخنة، والمؤسسات الحكومية بشكل أقل، ويرجع هذا على الأرجح إلى الخوف من الوصمة ونقص الوعي بالخدمات المتاحة.
وعلى الرغم من ذلك، تم الاعتراف على نطاق واسع بدور إدارة حماية الأسرة والأحداث كمقدم دعم رسمي رئيسي، وحدد التحليل العديد من الفئات الضعيفة، بما في ذلك الفتيات المراهقات، والنساء المسنات، والأشخاص ذوو الإعاقة، والنساء العازبات، والأسر ذات الدخل المنخفض، مع تعرض اللاجئين للخطر بشكل خاص جراء العزلة الاجتماعية والصعوبات الاقتصادية.
وبشكل عام، كانت الخدمات المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي أكثر توفرا في عمان مقارنة بإربد والكرك، مما يسلط الضوء على النطاق الجغرافي المحدود ونواقص تقديم الخدمات المركزية (الوطنية)، عندما كانت موجودة، ظهرت المساعدة القانونية والإسكان الآمن وجلسات التوعية كأكثر أنواع خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي توفرا، وفقا لنتائج كل من المسح ومقدمي المعلومات الرئيسيين.
وأفاد 65.3 % من الأسر، بأن الافتقار إلى فرص العمل هو الحاجز الأساسي لتأمين سبل العيش، ويبرز هذا القلق بشكل خاص بين المستجيبين الذكور (69.8 %) والأسر التي يرأسها الذكور (66.45 %).
ويتفاقم الوضع جراء عدم التوافق بين مهارات القوى العاملة واحتياجات سوق العمل، مما يؤثر على 18.9 % من الأسر، وتسهم هذه الفجوة في المهارات، وخاصة بين الشباب والنساء، في انتشار نقص التشغيل والبطالة على نطاق واسع. وقال التقرير إن الضعف الاقتصادي منتشر على نطاق واسع، مما يدفع العديد من الأسر إلى تبني استراتيجيات سلبية للتكيف.
وتشمل الاستراتيجيات الشائعة اقتراض المال (34.7 %)، وتلقي المساعدات (8.5 %)، وتولي وظائف إضافية (11.6 %). ويعتمد اللاجئون بشكل خاص على هذه التدابير (82.6 % مقارنة بـ72.1 % من أفراد المجتمع المضيف). 
وبين التقرير أن التفاوتات في الدخل صارخة، حيث يكسب أولئك الذين يعملون بأجر (45.9 %) أكثر بكثير من أولئك الذين يعتمدون على العمالة المؤقتة (18.4 %) أو المساعدات الإنسانية (3.9 %).
وقالت إن الأسر التي تضم أفرادا من ذوي الإعاقة، والذين يكسبون في المتوسط 25 % أقل من تلك التي لا تضم "ذوي الإعاقة"، معرضة للخطر بشكل خاص، حيث تكون أكثر عرضة للعمل عالي الخطورة أو الاستغلال. وتختلف تفضيلات التوظيف حسب المنطقة، حيث يعد قطاع التعليم (37.76 %) وقطاع التجزئة (30.77 %) الأكثر طلبا، ومع ذلك، غالبا ما يقتصر اللاجئون على وظائف غير رسمية منخفضة الأجر بسبب القيود القانونية والاجتماعية. 
كما يمكن للشركات والتجارة الصغيرة (7 % من الأسر) أن تقدم مسارا للتنقل الاقتصادي، وخاصة مع الدعم مثل القروض الصغيرة والتدريب التجاري وتحسين الوصول إلى السوق، ومع ذلك، تواجه النساء، اللاتي غالبا ما يدرن هذه الشركات الصغيرة، تحديات إضافية، بما في ذلك ضعف مهارات التسويق والوصول المحدود إلى أسواق أوسع.
ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم هذه التحديات، بخاصة في القطاع الزراعي، حيث تهدد الجفاف والفيضانات الإنتاجية، وعلى الرغم من وجود برامج التدريب المهني في الأردن، إلا أنها غالبا ما تكون غير ممولة بشكل كافٍ وغير متوافقة مع احتياجات السوق، مما يحد من فعاليتها.
ويؤثر تغير المناخ بشكل متزايد على الأردن، بخاصة على الصحة والزراعة والموارد المائية، وقد ألقت الدراسة الضوء على العديد من القضايا البيئية الحرجة. 
وبرزت درجات الحرارة المرتفعة وموجات الحر كقلق رئيسي لـ74.5 % من المستجيبين، وكانت القضية واضحة بشكل خاص في إربد، حيث حددها 81.8 % من المشاركين على أنها مشكلة كبيرة. وفي المقابل، كان القلق أقل انتشارا في الكرك، حيث أعرب 64.8 % فقط من المستجيبين عن مخاوفهم.
ويعد تلوث الهواء قضية ملحة أخرى، كما تشكل كمية المياه مصدر قلق كبيرا، حيث أعرب العديد من اللاجئين عن مخاوفهم بشأن مشاكل الجهاز التنفسي التي تفاقمت بسبب تلوث الهواء.
ويُظهر اللاجئون، على وجه الخصوص، مستويات أعلى من الخوف بنسبة 37.5 %، مقارنة بـ29.8 % في المجتمعات المضيفة، مما يسلط الضوء على ضعفهم وتوترهم المتزايد.
وتشكل القيود المالية عائقا رئيسيا أمام التكيف مع المناخ، حيث ذكر 32.6 % من المستجيبين أن نقص الأموال هو العائق الأساسي. وعلاوة على ذلك، اعترف 55.3 % من المستجيبين بأنهم لا يعرفون الإجراءات التي يجب اتخاذها، ما يشير للحاجة لتحسين التعليم والموارد المتعلقة بالتكيف مع المناخ.
وقال إن تأثيرات تغير المناخ على اللاجئين والسكان المعرضين للخطر شديدة، ويتعرض اللاجئون لخطر متزايد بسبب الاكتظاظ وظروف المعيشة الأقل مرونة، وتؤدي القيود المالية والمعرفة المحدودة إلى تفاقم ضعفهم.
وذكر التقرير، أن 89 % من اللاجئين غير قادرون على تحمل تكاليف إصلاح أو إعادة بناء منازلهم إذا تضررت جراء الأحداث المناخية. 
وأخيرا، فيما يتعلق باستراتيجيات الاتصال، هناك تناقض ملحوظ في فهم تغير المناخ وتأثيراته. ويعد التلفاز المصدر الأكثر ثقة للمعلومات المناخية، حيث يعتمد عليه 60.5 % من المستجيبين، يليه وسائل التواصل الاجتماعي بنسبة 42.1 %، ومع ذلك، فإن الثقة في السلطات الحكومية والمنظمات غير الحكومية منخفضة نسبيا. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد 46.1 % من المستجيبين أن تغير المناخ هو فعل من أفعال الله، بينما يعزو 35 % ذلك إلى الأنشطة البشرية والطبيعية، وهذا يشير للحاجة إلى تواصل أكثر وضوحا فيما يتعلق بالدور البشري في تغير المناخ وتطوير استراتيجيات قابلة للتنفيذ لمعالجته.

الكلمات المفتاحية