مؤاب - تشير دراسة بحثية جديدة أجراها "مركز سيلفستر الشامل للسرطان" Sylvester Comprehensive Cancer Center في كلية الطب "جامعة ميامي ميلر" الأميركية، إلى أن العمر البيولوجي للفرد، الذي قد يكون أكبر من عمره الزمني، وهي ظاهرة تُعرف بإسم "الشيخوخة المتسارعة"، قد يكون مؤشراً على خطر تكوُّن أورام حميدة في القولون التي تُعد عاملاً معروفاً في زيادة احتمال الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.
ونُشرت هذه الدراسة في مجلة "بحوث الوقاية من السرطان" (Cancer Prevention Research)، التابعة لـ"الجمعية الأميركية لأبحاث السرطان" ( American Association for Cancer Research ). ونصحت من يعانون "الشيخوخة المتسارعة"، بإجراء فحوصات مبكرة للكشف عن سرطان القولون، ما من شأنه تحسين خيارات العلاج ونتائجه، وفق ما نشر موقع "دايلي نيوز" Daily News.
وفيما يعتمد العمر الزمني على عدد السنوات التي عاشها الشخص، يستند تحديد العمر البيولوجي على مؤشرات فسيولوجية تعكس تأثير العوامل الوراثية، واختيارات نمط الحياة، والعوامل البيئية. ويجري التعرُّف عليه عبر تحليلات متقدمة للحمض الوراثي والجينات التي يحتويها.
وفي هذا السياق، توضح الدكتورة شريا كومار، باحثة في سرطان القولون والمستقيم في "مركز سيلفستر" وكبيرة مؤلفي الدراسة أن "العمر البيولوجي مفهوم مثير للاهتمام، ويضيء على فكرة الشيخوخة المتسارعة".
وأشارت إلى أنه "إذا وصل شخص ما إلى عمر 50 عاماً مثلاً، ولكن عمره البيولوجي 55 عاماً، فهذا يعني وجود خمس سنوات من الشيخوخة المتسارعة التي قد تنعكس على وظائف الجسم بشكل عام".
وأضافت، "قد يبدو الأمر نظرياً إلى حد كبير، لكن الشيخوخة المتسارعة أثبتت بالفعل أنها مؤشر على توقيت الوفاة، وإمكانية بأنواع عدّة من السرطان. ويسهم هذا المجال البحثي في توسيع نطاق دراسة علم حديث نسبياً يسمى "إبيجيناتكس" ( Epigenetics) ". ويتناول هذا الأخير العوامل غير الجنيية التي تؤثر على الجينات ووظائفها، بما في ذلك تدهور عمل الخلايا بسببها. وقد يُترجم مصطلح "إبيجيناتكس" إلى العربية بـ"علم الوراثة اللاجينية"، وكذلك "علم التخلّق".
ارتفاع معدلات الإصابة بين الفئات الأصغر سنًا
تُظهر الإحصاءات ارتفاعاً في معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم المبكر الذي يصيب الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً. ووفقاً لـ"الجمعية الأميركية للسرطان"، فقد ارتفعت هذه المعدلات ارتفعت بـ 2 في المئة سنوياً منذ عام 2011. وبناءً على ذلك، خفضت "فرقة العمل الأميركية للخدمات الوقائية" العمر الموصى به لبدء الفحصوصات عن ذلك الورم الخبيث، من 50 إلى 45 عاماً.
ومع ذلك، أشارت الدكتورة كومار إلى أن هذا التغيير قد لا يكون كافياً لمعالجة المشكلة بشكل كامل، مشيرة إلى أن أحدث إحصاءات "المعهد الوطني للسرطان" أن نصف حالات الورم الخبيث المبكر في القولون والمستقيم تحدث لدى أشخاص تقل أعمارهم عن 45 عاماً.
تحليل العمر البيولوجي
هناك عوامل معينة تزيد من خطر الإصابة مبكراً بسرطان القولون والمستقيم المبكر وتساهم في رفع العمر البيولوجي للشخص؛ وتشمل السمنة، التدخين، استهلاك الكحول، وعادات اخرى في نمط الحياة.
في هذه الدراسة، أجرت الدكتورة كومار وزملاؤها من "مركز سيلفستر"، تحاليل جينية عن العمر البيولوجي لأشخاص تقل أعمارهم عن 50 عاماً، مع إجراء تنظير القولون لتقصي وجود الأورام الحميدة أو الخبيثة فيه.
واكتشف الفريق البحثي أن كل سنة من الشيخوخة المتسارعة تترافق مع زيادة بـ16 في المئة في خطر تطور الأورام الحميدة (البوليب). ومن المثير للاهتمام أن الدراسة رصدت علاقة بين النوع الاجتماعي (ذكر أو أنثى) وتلك الأورام، فيما لم تجد تأثيراً لعوامل اخرى كمؤشر كتلة الجسم والتدخين.
ومع ذلك، أوضحت الدكتورة كومار أنه "بينما أعتقد أن اكتشاف العمر البيولوجي مثير للاهتمام ، يبقى كون المرء ذكراً هو العامل الأقوى في خطر وجود ورم حميد يمهد لسرطان القولون". وتشير كومار إلى ضرورة الاستمرار في البحوث بغية فهم سبب تأثير الذكورة على أورام القولون والمستقيم.
وبالتالي، يعتقد المؤلفون أن الفحوص المسحية المستخدمة في البحث عمن لديهم خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، يجب أن تركز على من لديهم مؤشرات عن الشيخوخة المتسارعة.