مؤاب - في العادة، يهمل معظم المدخنين التوصيات بالإقلاع عن التدخين ظناً منهم بأن مسببات المرض كثيرة ولا تقتصر على هذا العامل. لكن يجزم طبيب الأمراض الصدرية والداخلية الدكتور زهير علامة ضمن لقاء نظمته "جمعية بربارة نصار لدعم مرضى السرطان"، بأن التدخين يعتبر سبباً مؤكداً لأنواع عدة من الأورام الخبيثة وعلى رأسها سرطان الرئة الذي يؤدي التأخير في تشخيصه إلى تراجع فرص النجاة منه بشكل ملحوظ.
تتشارك الأورام الخبيثة في أنها تمثل حالة من النمو غير الطبيعي لخلايا معينة، بمعنى أنها تتكاثر بسرعة وتنتشر في مختلف أعضاء الجسم. ويحتل سرطان الرئة المرتبة الأولى بين أنواع الأورام الخبيثةة كافة، ويشكل لوحده 12,4 في المئة من مجموعها، ويليه سرطانات الثدي والقولون والمستقيم (9.6 %) ثم البروستات ومن بعده المعدة.
زيادة في انتشار ورم رئوي خبيث
في الواقع، يُكتشف سرطان الرئة في لبنان في مراحل متقدمة في معظم الحالات. وبالتالي، لا تتخطى نسبة العيش لأكثر من خمس سنوات بعد التعافي، الـ15 في المئة. ومع التأخر في التشخيص، يكون المرض قد بلغ مراحل متقدمة، تجعل المعالجة صعبة تماماً.
وعالمياً، تسجّل مليونين ونصف مليون إصابة بسرطان الرئة سنوياً، مع ارتفاع ملحوظ في معدلات الوفيات بسبب التشخيص المتأخر للمرض في معظم الأحيان.
أسباب سرطان الرئة
يؤكد علامة أن كافة الدراسات والابحاث الذي أجريت في العالم تجزم بأن التدخين يشكل السبب الأول والرئيسي للإصابة بسرطان الرئة ونسبة تتراوح بين 80 و 85 في المئة من الحالات. ويعتبر عدد السجائر وطول مدة التدخين من المعايير التي يجري الاستناد إليها في تحديد مدى الخطورة، وكلما زاد معدل التدخين تتفاقم خطورة الإصابة بالسرطان في الرئة.
وكذلك يعتبر التدخين السلبي عامل خطر يوازي التدخين المباشر كسبب للإصابة بسرطان الرئة، ويبدو الوضع أكثر صعوبة في لبنان حيث ترتفع معدلات التدخين وأيضاً معدلات التعرض للتدخين السلبي بين الأطفال والراشدين على حد سواء. ومن أصل كل 10 حالات سرطان رئة، يعتبر التدخين السلبي سبباً للإصابة.
وكذلك يشير علامة إلى أنه بعكس الاعتقاد السائد، لا يقتصر أثر التدخين على سرطان الرئة، إذ تبين أنه يساهم أيضاً في الإصابة بأنواع عدّة اخرى من الأورام الخبيثة كتلك التي تصيب المثانة والمريء والفم واللسان والحنجرة والكبد والمعدة والكلى والقولون والثدي والبروستات. ويسهم التدخين في تلك الأمراض بنسب متفاوتة.
ومن العوامل الأخرى التي تسهم أيضاً في الإصابة بسرطان الرئة، ولو بمعدلات أقل، التعرض للملوثات ومنها مادة الـ"رادون" المشعة الموجودة في الطبيعة في الغرب وتشكل خطراً أقل في لبنان.
وتشمل الملوثات أيضاً المركّبات التي تنتج من عملية الاحتراق المختلفة، بما في ذلك تلك التي قد تحصل في سياق الطهو المنزلي مثل ذلك الذي يجري أحياناً على الحطب في أماكن مغلقة في الجبال.
وكذلك يشكل التعرض للزرنيخ والأسبتسوس والمعادن الثقيلة عوامل خطر لا بد من الحرص على تجنبها قدر الإمكان. مع الإشارة إلى أن معدلات استخدام الأسبستوس في البناء تراجعت في أيامنا الحالية بسبب أثره المسرطن الواضح
روابط بين التبغ السرطان
في التبغ 19 مادة مسرطنة تدخل إلى الجسم وتلتصق بالقصبات الهوائية والرئتين وتتداخل مع التراكيب الوراثية وتسبب طفرات جينية تحفز على تتكاثر الخلايا السرطانية، وتُنهِك الجهاز المناعي.
وكذلك يحتوي التبغ أيضاً على مواد مشعة من بينها الرصاص. ويتعرض من يدخن علبة ونصف علبة إلى إشعاع بمعدل 60 إلى 160 سنوياً ما يوازي العيش على مقربة من مصنع نووي.
ولا يسبب النيكوتين فلا يسبب السرطان إلا أنه يسهم في مشكلات أخرى مثل تسارع نبضات القلب وارتفاع ضغط الدم وتصلّب الشرايين.
ويوضح علامة أن تدخين النرجيلة خطر كبير تواجهه المجتمعات بسبب انتشاره الواسع والكارثي بين مختلف الفئات العمرية بما في ذلك الأطفال. ويبدو أن النرجيلة أكثر خطورة من السيجارة، بالنظر إلى ارتفاع ما تحتويه الأولى من تبغ وملوثات ومواد مسرطنة.