مؤاب - بينما يراقب العالم تطور حرب المُسيّرات في إسرائيل والأراضي المُحتلة وأوكرانيا واليمن، تتسابق شركات التكنولوجيا والوكالات الحكومية الأمريكية؛ لتطوير دفاعات ضد الهجمات الإرهابية المُحتملة بطائرات بدون طيار.
وتعمل العشرات من شركات التكنولوجيا على أنظمة لإحباط الهجمات المحتملة بالطائرات المُسيّرة، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة، وفقًا لتقرير لشبكة NBC News.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، استخدمت إسرائيل وحماس طائرات بدون طيار ضد بعضهما البعض في غزة.
كما استخدم الحوثيون في اليمن أسرابًا من الطائرات المُسيّرة لاستهداف السفن التابعة للمصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر
وعلى مدار أشهر، كانت روسيا وأوكرانيا تشنان هجمات جماعية منسقة بطائرات بدون طيار على بعضهما البعض، حيث بلغ عدد سرب روسي واحد في نوفمبر الماضي 75 طائرة.
قيد التطوير
ينبع خوف خبراء الأمن والتكنولوجيا الأمريكيين من كون هجمات الطائرات بدون طيار -غالبًا- تأتي على شكل طائرات صغيرة يتم التحكم فيها عن بعد. وتكون المُسيّرات مجهزة بمتفجرات صغيرة لإسقاطها على الهدف، أو ببساطة، يتم اصطدامها بالهدف كطائرة ذاتية التفجير في اتجاه واحد.
وتتراوح الأنظمة قيد التطوير في قطاع الدفاع عن الطائرات بدون طيار، من معدات تشويش الاتصالات، إلى البنادق التي تطلق شبكات سريعة التوسع، إلى أشعة الليزر التجريبية.
وتخضع بعض هذه التقنيات للاختبارات التي ترعاها وزارة الأمن الداخلي بالولايات المتحدة في مواقع نائية في أوكلاهوما وداكوتا الشمالية.
ويتوقع المحللون أن ينمو الطلب على هذه التقنيات بسرعة، وتعدد العملاء المحتملين. بما في ذلك أقسام الشرطة والمطارات والملاعب الرياضية.
وتتباين الشركات التي تعمل على التدابير المضادة للطائرات بدون طيار، من مقاولي الدفاع الرئيسيين مثل RaytheonوLockheed Martin، إلى الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا التي تنتج أجهزة تزييف نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والتي تخدع الطائرة المُسيّرة.
وتعتمد التقنيات الأخرى على دفقات الموجات الدقيقة المركزة لإفساد الأجهزة الإلكترونية للطائرات بدون طيار، أو أدوات القرصنة لتولي تشغيل الطائرة.
نماذج أوليّة
يُعرف قطاع التكنولوجيا المضادة للطائرات بدون طيار بين العاملين فيه باسم أنظمة المُسيّرات المضادة، أو C-UAS.
وفي تقرير صدر عام 2019، وجد باحثون في كلية بارد أن هناك استثمارات كبيرة في هذا القطاع، حيث تعمل 277 شركة على نوع ما من الإجراءات المضادة للطائرات بدون طيار.
وقالت وزارة الأمن الداخلي إن 33 شركة أمريكية ودولية استجابت لإشعارات الشراء العام الماضي.
وقال الخبراء إن بعض الإجراءات المضادة للطائرات بدون طيار، على الأقل للكشف عنها، يتم نشرها بالفعل في المطارات في أوروبا.
كما قامت إدارة الطيران الفيدرالية باختبار الأنظمة في المطارات الأمريكية أيضًا.
وتشجع إدارة بايدن قطاع مكافحة الطائرات بدون طيار بطرق متعددة، حيث أصدرت دعوة العام الماضي للجامعات والشركات الخاصة والباحثين للتوصل إلى أفكار جديدة لمواجهة هذا التهديد.
كما دفعت الإدارة إلى إصدار تشريعات لتوسيع من يمكنه قانونيًا إسقاط طائرة مُسيّرة، وهي سلطة تقتصر بموجب القانون الحالي على العملاء الفيدراليين، وهذا التشريع معلق في الكونجرس.
وأشار التقرير إلى محاولات وزارة الأمن الداخلي تسريع البحث في المنتجات والنماذج الأولية، وتشكيل شراكات مع جامعتين على الأقل -أوكلاهوما وداكوتا الشمالية- للمساعدة في تقييم التدابير المضادة المختلفة للطائرات بدون طيار.
وفي الصيف الماضي، تمت دعوة حوالي 12 شركة لعرض واختبار منتجاتها الدفاعية للطائرات بدون طيار في منشأة مخصصة شرق حرم جامعة أوكلاهوما في ستيلووتر.
كما أجريت جولة منفصلة أصغر من الاختبارات في الصيف الماضي في جامعة داكوتا الشمالية.
اهتمام كبير
في حين أن تهديد الطائرات بدون طيار كان موجودًا منذ سنوات، لكن الحروب في الأراضي المحتلة وأوكرانيا واليمن زادت من إلحاح الأمر. وقال زاكاري كالينبورن، زميل مساعد في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية -منظمة سياسية تضم الحزبين الجمهوري والديمقراطي في واشنطن- إن هناك "انفجارًا في الاهتمام" بالمُسيّرات بسبب الحرب في أوكرانيا.
ويرى "كالينبورن" أن الاحتمال أصبح أقرب الآن، حيث أصبحت الطائرات بدون طيار أرخص وأسرع وأكثر قدرة على حمل الأسلحة.
على النقيض من ذلك، تم تصميم جزء كبير من البنية الأمنية في الولايات المتحدة في السنوات الثلاثين الماضية حول منع اختطاف الطائرات، مثل هجمات 11 سبتمبر، أو تفجيرات الشاحنات مثل هجوم عام 1995 على المبنى الفيدرالي في مدينة أوكلاهوما.
وفي يوليو 2020، كانت هناك محاولة واحدة محتملة -على الأقل- لهجوم بطائرة مُسيّرة داخل الولايات المتحدة. حيث أرسل مجهول طائرة بدون طيار فوق محطة كهرباء فرعية في بنسلفانيا بقصد محتمل لتقصير دائرة الشبكة الكهربائية، منذ ذلك الحين، تكثفت الاستعدادات الفيدرالية.
في عام 2022، أصدر البيت الأبيض خطة لمواجهة تهديدات المُسيّرات المحلية. بما في ذلك إنشاء قاعدة بيانات لتتبع الحوادث، وتأسيس مركز للتدريب على مكافحة الطائرات بدون طيار، والتوسيع المقترح القانوني حتى تتمكن سلطات إنفاذ القانون على مستوى الولاية من إسقاط المُسيّرات في ظروف معينة.
لكن ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الشهر الماضي، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي "لديه ثلاثة عملاء فقط" متخصصين في مجال تهديدات الطائرات بدون طيار.
وفي بيان لشبكة NBC News، لم يذكر المكتب الفيدرالي عدد العملاء الذين يعملون لديه في مجال تهديدات الطائرات بدون طيار.
وقال المكتب إن لديه "فريقًا من ذوي الخبرة من العملاء في المقر الرئيسي والموظفين المحترفين، المتخصصين فقط لمواجهة تهديدات الطائرات بدون طيار".
وأكد البيان أن عملاء المقر الرئيسي يعملون بشكل وثيق مع المكاتب الميدانية لمكتب التحقيقات الفيدرالي والوكالات الحكومية الأخرى؛ "لضمان أن تحافظ حكومة الولايات المتحدة بكفاءة على دفاعاتها فيما يتعلق بالطائرات بدون طيار."
وقالت متحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي إن الموارد محدودة، ويتم التركيز على الأحداث عالية الخطورة.
كما أشارت إلى زيادة "التغطية المضادة" للطائرات بدون طيار في الفعاليات والمناسبات بنسبة 22% في عام 2023.
جوانب سلبية
يُبرز الخبراء الجوانب سلبية لوضع أنظمة دفاعية لمواجهة المُسيّرات في كل ملعب رياضي، ومكان للحفلات الموسيقية، ومبنى حكومي، ومحطة كهرباء، وغيرها من المواقع الحساسة.
ويرجع السبب إلى وجود أجهزة تشويش على الترددات اللاسلكية في كل مكان، والتي يمكن أن تعطل الاتصالات اللاسلكية عبر منطقة واسعة.
وشكك مايكل جيرمان، العميل الخاص السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، والزميل في مركز برينان للعدالة -وهي منظمة للحريات المدنية- في حاجة سلطات إنفاذ القانون إلى سلطة جديدة لإسقاط الطائرات بدون طيار، أو الحاجة إلى أنظمة دفاع جديدة باهظة الثمن، في حين أنه لا يزال من المستحيل تحديد مدى احتمال وقوع هجوم إرهابي بطائرة مُسيّرة.
وقال: "علينا أن نكون حذرين بشأن كيفية تمكين الحكومة. من السهل جدًا تخويف الجمهور بافتراضات، ثم تنفيذ سياسات تضر في الواقع أكثر مما تنفع".