مؤاب - بقلم الدكتور اسامة ابو الرب
تستيقظ في الصباح، تنظر إلى التاريخ على شاشة الهاتف، إنه عيد ميلادك! لقد أصبح عمرك اليوم 40 عاما، وعندها تنظر إلى السنوات التي مضت، وتكتشف أنك لم تنجز الكثير من أحلامك، أو أيا منها!
عندها تشعر بأنك تسقط في حفرة دون قعر، وأنت تهوي بتسارع، وتفكر هل ستنجز فيما تبقى من سنوات عمرك ما فشلت في تحقيقه في الأربعين سنة الأولى؟
أهلا بك إلى أزمة منتصف العمر التي يعيشها الكثير منا نحن الرجال.
غالبا ما يتم الاستهزاء بأزمة منتصف العمر عند الرجال، ولكنها بالنسبة للعديد منهم تعد تجربة مؤلمة.
وتحدث أزمة منتصف العمر عندما يعتقد الرجال أنهم وصلوا إلى منتصف الطريق في الحياة ويشعرون أن الوقت ينفد. إنها ليست حالة طبية ولكن الأشخاص الذين يمرون بأزمة منتصف العمر يمكن أن يعانوا من القلق والاكتئاب.
يمكن أن يختلف العمر الذي يمر فيه الرجال بأزمة منتصف العمر. يمكن أن يحدث الاكتئاب عادة في أي عمر بين 35 و50 عاما.
وأهم ما يميز هذه الأزمة الاكتئاب والإحباط، والذي يدفع الشخص إما للاستسلام، أو إلى التهور والقيام بتصرفات غير منطقية وخطيرة على نفسه وعائلته، مثل الاستقالة من الوظيفة، الطلاق، أو هجر العائلة.
وقد تشمل أعراض أزمة منتصف العمر لدى الرجال:
الاكتئاب،الشعور بعدم الرضا عن كثير من جوانب الحياة مثل الوظيفة والانجاز المالي والزواج،فقدان الرغبة الجنسية،هجر العائلة أو التفكير في الطلاق،الشعور بأن حياتك لم تعد تناسبك.ويصبح الرجل أكثر اهتماما بمظهره،وقد يشعر برغبة أكبر في القيام بعمل مثير أو خارج عن المألوف.
إن العلامة الأكيدة على أنك قد تكون في أزمة منتصف العمر هي شعورك بأنك واقع في مصيدة، ويجب عليك التصرف بطرق من شأنها أن تفجر حياتك.
هذه الأعراض تنجم عن إلقاء الرجل نظرة فاحصة على الحياة التي يعيشها، ليعتقد أنه يمكن أن يكون أكثر سعادة، وأنه إذا كان بحاجة إلى إجراء تغيير كبير، فإنه يشعر بالحاجة إلى القيام بذلك قريبا.
وتكمن خطورة أزمة منتصف العمر أنها قد تدفع الرجل إلى اتخاذ خيارات غير حكيمة، يدفع ثمنها هو وأسرته على المدى القصير والطويل.
كيف تتعامل مع أزمة منتصف العمر؟
أزمة منتصف العمر قد تؤدي إلى الدمار أو الازدهار بالنسبة للرجال. للدمار إذا اتخذ الرجل قرارات طائشة هددت استقراره المادي والأسري، أو الازدهار إذا نظر إلى الجوانب من شخصيته وحياته التي يمكن أن يعدلها للأفضل بشكل تدريجي ومنطقي، مثل الاعتناء بصحته وتخفيف وزنه وممارسة الرياضة.
يمكن لنا كرجال نمرّ في أزمة منتصف العمر أن نبحث عن أسباب التعاسة التي نتشعر بها، ثم نتخذ قرارات مدروسة لمعالجتها هذا هو الازدهار.
من ناحية أخرى، فإن اتخاذ قرارات متهورة، مثل الزواج بامرأة أصغر سنا بكثير ودون تقدير لمستقبل الزواج، أو شراء سيارة فارهة لا يمكن للرجل تحمل تكلفتها، يؤدي إلى الدمار.
يجب أن يدرك الرجل أن مشاعره ليست أوامر، فمجرد شعورك بأنك مضطر إلى الهروب من منزلك أو وظيفتك أو زواجك لا يعني أنه يتعين عليك فعل ذلك بالفعل. قد تشير هذه المشاعر بالفعل إلى مشاكل تحتاج إلى حل. لكنها قد تتلاشى أيضا أو تتغير بمرور الوقت.
خطوات عملية للتعامل مع أزمة منتصف العمر:
-كن شاكرا للأشياء الجيدة. وخذ وقتا لتشعر بالامتنان للأجزاء من حياتك التي تجعلك سعيدا، وفكر كيف ستشعر إذا اتخذت إجراء تسبب في خسارتك لها، مثل زوجتك المخلصة، او مصلحتك التجارية.
ناقش قبل اتخاذ قرارات هامة،ناقشها مع شخص تثق في نصيحته. يمكن لصديق أو متخصص في الصحة العقلية أن يقدم لك رأيا آخر حول ما إذا كنت تتخذ خيارات حكيمة.
-اسأل ما إذا كانت رغباتك واقعية، يقوم الرجال بالعديد من التغييرات الناجحة في الأربعينيات وما بعدها: العودة إلى الجامعة، أو السفر حول العالم، أو بدء أعمالهم الخاصة. فقط تأكد من أن أهدافك الجديدة عملية وفي متناول يدك.
-تجنب صدم أحبائك. فأنت لا تحتاج إلى تفجير حياتك لتكون سعيدا.
-استشر الطبيب، إذ قد تكون أزمة منتصف العمر ناجمة عن ما يسمى "سن اليأس لدى الرجال"، وفي هذه الحالة يصاب الرجل بالاكتئاب وفقدان الرغبة الجنسيية وفقدان كتلة العضلات وانخفاض القدرة على ممارسة الرياضة، وحدوث تغيير في توزيع الدهون مثل نمو بطن كبير أو "ثديين"، والأرق وزيادة التعب. سيساعدك الطبيب على التعامل مع هذه الحالة، والتي قد تتطلب علاج أمراض مسببة لها مثل السكري وارتفاع ضغط الدم ونقص التستوستيرون.
أزمة منتصف العمر ليست أمرا سهلا، ولا يوجد أسوأ من الشعور بأن الوقت قد نفذ، وأنك فشلت. ولكن يجب ان تتذكر أن الكثيرين من الناجحين حققوا أحلامهم بعد سن الأربعين. وعبر التعامل الهادئ مع هذه الأزمة يمكن للرجل أن يكون منهم.
كرجال، المهم أن لا نستسلم، وأن نواصل القتال لأسرنا وحياتنا ومن نحب، فهم يعتمدون علينا. وما زال دائما في العمر والأمل والحلم بقية.