نقش في القلب لا يبهت بقلم عطوفة أمين عام المجلس التمريضي الأردني الاستاذ الدكتور هاني النوافلة

مشاركة

                 

                     "نقشٌ في القلب لا يبهت"

في السادس عشر من نيسان من كل عام، تتزيّن القلوب قبل الشوارع، وتخفق الأرواح قبل الأعلام، ويقف الأردنيون صفًا واحدًا في مشهد مهيب، يحتفون برايتهم، ويرفعونها عاليا كأنها شمسٌ لا تغيب. إنه يوم العَلَم الأردني، اليوم الذي تتّحد فيه الرموز بالوجدان، ويُجدد فيه الوطن قسم الولاء والانتماء، وتُروى فيه الحكاية الخالدة: حكاية وطنٍ لا ينكسر.

العلم ليس مجرد ألوانٍ تتناسق فوق سارية، بل هو القصيدة التي كُتبت بمداد الشهداء، واللوحة التي رُسمت بتضحيات الآباء، والصوت الذي يُنادي فينا بأن هذا الوطن لنا، ولأجيالٍ من بعدنا. هو النبض الذي لا يتوقف، والرمز الذي لا يتغير، والهوية التي لا تقبل المساس.

وفي كل شبر من هذا الوطن، ترى العلم يرفرف كأنما يُلقي التحية على كل طفلٍ يحلم، وعلى كل جنديٍّ يسهر، وعلى كل مزارعٍ يزرع الأمل، وعلى كل مريضٍ يتشبث بالحياة في مستشفيات الخير، التي أقامها أبناء الأردن بعرقهم وحبهم.

وإنّ العَلَم الأردني راسخٌ في وجداننا كرسوخِ البترا في صخرها، ومنقوشٌ في القلب نقشًا خالدًا، كما نقش الأنباط مجدهم على وجهِ الصخرِ الأحمر، لا يبهتُ ولا يندثر. هو الراية التي لا تطويها السنون، ولا يُمكن أن تتبدل أو تُنسى، لأنه ليس شيئًا نراه، بل كيانٌ نحياه.

في هذا اليوم، يقف الأردنيون وقفة الفخر، كبارًا وصغارًا، يلوّحون برايتهم كأنهم يزرعونها في أعالي السماء، لا على الأرض فحسب. يرددون النشيد بكل جوارحهم، وكأنهم يعلنون للكون أن الأردن سيبقى عالي الجبين، مرفوع الراية، مصان الكرامة.

ويتعلم أبناؤنا في هذا اليوم أن العلم ليس زينة، بل أمانة، وأن من يرفعه إنما يرفع اسم الأردن، ويحتضن تاريخه، ويصون مستقبله. ففيه كل المعاني التي نعيش من أجلها، ومن دونه نضيع بين الشعوب بلا هوية.

وكما يُرفع العلم رمزًا للسلام والحياة، فإنّه يُرفع أيضًا في وجه كل من يحاول المساس بأمننا أو إشعال نار الفوضى. فقد كانت ليلة الأمس شاهدة على ملحمةٍ جديدة من ملاحم الشرف، حين وقفت أجهزتنا الأمنية الباسلة بالمرصاد، وأحبطت بفضل الله ثم بحنكتها مخططًا إرهابيًا خطيرًا، كان يُعدّ منذ سنوات.

وهنا، لا بدّ أن ينحني القلب احترامًا لهؤلاء الجنود المجهولين، الذين يعملون في صمت، ويخاطرون بأرواحهم ليبقى الأردن آمنًا، كريمًا، مهاب الجانب، فالشكر لهم لا يكفي، والدعاء لهم لا يتوقف.

وفي قلب هذا المشهد الوطني، تقف القيادة الهاشمية ثابتة وراسخة ، تُمسك بزمام الأمور بحكمةٍ راسخة، وبصيرةٍ متقدة، وإيمانٍ لا يتزعزع بوطنها وشعبها. فهي التي دوما لا تتردد في اتخاذ القرار الحاسم، ولا تتهاون في أمن المواطن، ولا تسمح لأحدٍ بأن يعبث بسكينة هذا البيت الأردني المتماسك. فكل أردني، في البادية والريف والمدينة، يرى في الملك قائدًا وأخًا وأبًا، ويرى في كل موقف له رسالة حبٍ وطمأنينة.

في يوم العلم، نقف بإجلالٍ أمام هذا الرمز العظيم، نُجدّد الولاء، ونُعلن للعالم أن الأردن سيبقى وطنًا عصيًّا على الكسر، لا يخضع لابتزاز، ولا ينكسر أمام التحديات. علمنا سيظلّ مرفوعًا، لأنه مرفوع بالحب، بالدم، بالإيمان، وبالرجال الأوفياء.

نقول لكل من تسوّل له نفسه النيل من أمننا: نحن أبناء رايةٍ لا تسقط، وأحفادُ شهداءٍ لا يُهزمون، وأتباعُ قيادةٍ لا تتنازل عن حقها، ولا تساوم على كرامتها.

حفظ الله الأردن، وقيادته الهاشمية، وشعبه الوفي، وأجهزته الأمنية.

وكل عام ورايتنا تخفق في السماء، كل عام والأردن أغلى، وأجمل، وأقوى

 

الكلمات المفتاحية