مؤاب - خاص - الرابعة
سلسلة قصص الغموض - البيت الذي يبتلع الاسرار
الحلقة 4 – الرسائل في الظلام
مع مرور الأيام، أصبح سامر يعيش في عزلة شبه كاملة. الهاتف لم يعد يعمل، الإنترنت مقطوع، والجيران لاحظوا تغيّرات غريبة في سلوكه: يختفي لساعات طويلة، ثم يعود شاحب الوجه، وكأنه يرى ما لا يراه الآخرون.
في الليالي التالية، بدأ المنزل "يتواصل" معه بشكل أكثر وضوحًا. رسائل غريبة ظهرت على الجدران، مكتوبة بحبر يبدو كالدماء القديمة:
– "الماضي لن يرحمك"
– "كل من دخل هنا أصبح جزءًا منا"
سامر حاول تجاهل الرسائل، لكنه لاحظ أن كل رسالة تتعلق بأحداث غريبة في الحي، اختفاء أشخاص، حيوانات ضائعة، وحتى جرائم صغيرة لم تحل منذ سنوات. كل ما يقرأه كان يقوده إلى اكتشاف حقيقة مخيفة: المنزل ليس مجرد مكان، بل مسرح متحرك لتكرار الجرائم.
في إحدى الليالي، وبينما كانت الرياح تعصف والنوافذ تهتز، سمع صراخًا مكتومًا يأتي من الطابق السفلي. أسرع إلى مصدر الصوت، ليجد باب الغرفة السرية مفتوحًا، والدفاتر القديمة تتحرك وكأنها تتنفس. على الجدار الأخير، وجد قائمة بأسماء الضحايا السابقين… وأحد الأسماء كان اسمه هو: سامر.
الذعر اجتاحه، لكنه لم يهرب. شعر أن المنزل يريد منه أن يكتشف شيء أكبر، شيئًا عن الجرائم التي حدثت داخله. بدأ يكتب ملاحظاته، يحلل كل رسالة، وكل علامة، وكل همسة سمعها، ليجد نمطًا غريبًا: كل ضحية كانت مرتبطة بالمنزل بطريقة أو بأخرى، وكلها اختفت بعد وقوع حدث غريب لا يمكن تفسيره.
في تلك اللحظة، بدأ يتضح له شيء أكثر رعبًا: ليس فقط الضحايا السابقون أصبحوا جزءًا من أسرار المنزل، بل هو نفسه بدأ يندمج بالكيان الغامض للمكان. كل خطوة، كل رسالة، وكل خفقة قلب كانت تجعله جزءًا من سلسلة الجرائم، وكأن المنزل يكتب نهايته بنفسه.
الليلة انتهت بصمت ثقيل، لكن سامر شعر بشيء واحد واضح: النهاية قريبة، وأن كل الأسرار المظلمة التي خبأها المنزل على مر السنين ستكشف في اللحظة التي لا يتوقعها.